ريهام عودة
مقدمة:
ترك الانقسام السياسي الفلسطيني الذي طال أمده أكثر من عشر سنوات آثاراً سلبيةً كبيرة على الحياة السياسية الفلسطينية، وخصوصاً على واقع الشباب الفلسطيني باختلاف الجغرافيا السياسية، وتحديداً فيما يتعلق بالمستوى السياسي ممثلة في المشاركة السياسية للشباب الفلسطيني، إذ يُعد الانقسام السياسي من أهم أسباب تعطل الحياة الديمقراطية في فلسطين، وتأخر حلم الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، والحصول على دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 حسب قرارات الأمم المتحدة خصوصاً القرار 242.
يوصف المجتمع الفلسطيني بأنه مجتمعاً فتياً، حيث تبلغ نسبة الشباب الفلسطيني، حتى منتصف عام 2020، نحو 22% من مجموع السكان الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك حسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. [1]
بديهياً يقع على الشباب دوراً كبيراً في عملية الاستقرار السياسي في أي مجتمع، لذا لا يمكن الاستهتار بدورهم في مجال العمل التنموي، والسياسي، وفي عملية إحياء العملية الديمقراطية، والحياة السياسية وخصوصا داخل المجتمع الفلسطيني.
شارك الشباب الفلسطيني عبر عدة مراحل تاريخية مختلفة، في الحركات السياسية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، وذلك منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، ولعل الدور الذي قام به الشباب خلال فترتي الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، وفي الهبات الشعبية التي قادها الشباب الفلسطيني، وقدم خلالها عدة تضحيات سواء عبر اعتقاله في السجون الإسرائيلية، أو استشهاده برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، يبرز الدور النضالي للشباب في إطار الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وهي الحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها.
دخل المشهد السياسي الفلسطيني حالة من الغموض والركود السياسي، مع استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني دون وجود أي أفق سياسي للوصول لحل سلمي لتحقيق المصالحة الوطنية، خاصة بين حركتي فتح وحماس، وأصبح معه من الصعوبة التنبؤ بنهاية لهذا الانقسام السياسي، مما جعل معظم الشباب الفلسطيني فاقد للأمل في الوصول إلى مشاركة سياسية حقيقة تعالج وتصحح مسار النظام السياسي الفلسطيني الذي بات يعاني من التكلس والهشاشة والتشوه في بناه وتفاعلاته، وبالتالي العجز عن المساهمة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية.
انعكست نتائج الانقسام على أولويات واتجاهات الشباب الفلسطيني، من حيث التفكير في قيادة العمل السياسي الفلسطيني كما كان في السابق خلال فترة الانتفاضة الأولى، وصولا لمرحلة الانشغال الكبير في هموم الوطن، ومشاكله الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، حيث أدى الانقسام الفلسطيني إلي تدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني، مما أدى إلي ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني، فقد وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة نحو 48 % مقارنة بنسبة 17% في الضفة الغربية، وذلك حسب احصائيات الجهاز المركزي الاحصائي الفلسطيني للربع الأول من عام 2021[2].
دفعت الأوضاع الاقتصادية والأجواء السياسية بما تشمل من قمع للحريات ومصادرة للأراء الشباب الفلسطيني للتفكير في الهجرة من أرض الوطن بحثاً عن فرصة حياة أفضل في ضوء الانقسام السياسي الفلسطيني الذي حاصر أحلام الشباب في المشاركة السياسية الديمقراطية ، فقد أظهرت نتائج دراسة أجراها الجهاز المركزي الإحصائي خلال عام 2015 [3]، أن 23.6% من الشباب في فلسطين لديهم الرغبة للهجرة للخارج ، ويبدو أن الأوضاع السائدة في قطاع غزة لها دور في زيادة نسبة الرغبة في الهجرة للخارج اذ بلغت نسبة الشباب الذين يرغبون في الهجرة للخارج في قطاع غزة نحو 37% مقابل 15.2 % في الضفة الغربية.
لذا تعتبر تلك الاحصائيات المذكورة أعلاه مؤشرات خطيرة لتغير توجهات الشباب الفلسطيني من المشاركة السياسية الفعالة، والمساهمة في بناء الوطن للهروب من الازمات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التي سببها الانقسام الفلسطيني منذ عدة سنوات ضائعة في الصراعات الداخلية والحصار.
بناءً على المعطيات السابقة، تناقش هذه الورقة أثر هذا الانقسام السياسي الفلسطيني على التوجهات السياسية للشباب الفلسطيني من عدة محاور مختلفة تتمثل بمناقشة توجهات الشباب الفلسطيني تجاه المشاركة في الأحزاب والفصائل السياسية، والمشاركة في الأنشطة السياسية للحركة الطلابية، ومدى دعم الشباب للمقاومة الشعبية، وحملة المقاطعة لإسرائيل، ومن ثم مدى مشاركة الشباب في الانتخابات التشريعية المؤجلة.
- توجهات الشباب السياسية خلال فترة الانقسام السياسي
تنوعت توجهات الشباب الفلسطيني خلال فترة الانقسام الفلسطيني من حيث مدى مشاركتهم وتفاعلهم مع الأنشطة السياسية المدرجة ضمن الأطر التالية:
أولاً) الأحزاب والفصائل السياسية الفلسطينية
أدى الانقسام السياسي الفلسطيني لتراجع حماس الشباب الفلسطيني في الانضمام للأحزاب و الفصائل السياسية الفلسطينية، فحسب استطلاع الرأي لعام 2013 ، قام به مركز العالم العربي للبحوث و التنمية -أوراد لاستطلاع أراء الشباب الفلسطيني حول مشاركتهم في الأحزاب السياسية ، أظهرت نتائج هذا الاستطلاع أن هناك تراجع في نشاط الشباب الفلسطيني في الأحزاب السياسية، فقد صرح 21 % من المستطلعة أراءهم في غزة بمشاركته في الأحزاب السياسية الفلسطينية، بينما في الضفة الغربية صرح فقط 19% من المستطلعة أراءهم عن مشاركتهم في الأحزاب السياسية[4].
تدل تلك الاحصائيات على أن الشباب الفلسطيني لم يعد يهتم بالأنشطة السياسية المتعلقة بالأحزاب، والفصائل السياسية الفلسطينية بسبب عجز تلك الأحزاب والفصائل على تقديم حلول فعالة لقضية الانقسام السياسي الفلسطيني، مما انعكس ذلك سلبياً على مدى ثقة الشباب الفلسطيني في تلك الأحزاب والفصائل الفلسطينية.
ومن ضمن أيضا الأسباب الأخرى لتراجع مشاركة الشباب الفلسطيني في الأحزاب والفصائل السياسية الفلسطينية، هو غضب معظم الشباب الفلسطيني من الأحزاب، والفصائل السياسية وتحميله لها مسؤولية عدم انتهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، و إطالة أمده بدون الوصول إلي مصالحة وطنية نهائية، فحسب استطلاع رأي أجراه منتدى شارك الشبابي في عام 2011 أظهرت نسبة 50% من الشباب الفلسطيني أن مسؤولية الانقسام واستمراره تقع على الفصائل والتنظيمات والأحزاب الفلسطينية ، في حين اعتبر 24% من هؤلاء الشباب أن فتح وحماس وحدهما تتحملان مسؤولية استمرار الانقسام، بينما قال 12% أن حماس هي المسؤول الأول عن الانقسام ، وذهب 7% إلى تحميل حركة فتح حول مسؤولية استمرار الانقسام بدرجة أولى.[5]
نتيجةً لتراجع الشباب الفلسطيني عن فكرة الانتماء أو المشاركة في الأحزاب السياسية الفلسطينية بسبب فقدانهم الثقة بتلك الأحزاب، فضل عدد كبير من الشباب الفلسطيني البقاء مستقلا بدون الانتساب لأي فصيل فلسطيني، حيث أظهرت نتائج دراسة أخرى قام بها منتدى شارك خلال عام 2013 أن نحو 73% من الشباب المستطلعة أراءهم صرحوا بأنهم لا ينتمون لأي حزب سياسي، أي أنهم مستقلون سياسيا[6].
أدى الانقسام السياسي الفلسطيني إلى عزوف الشباب الفلسطيني عن المشاركة في الأنشطة السياسية الميدانية، التي تنظمها الفصائل والأحزاب السياسية، حيث بات الشباب الفلسطيني يفضل التفاعل مع القضايا السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدلا من المشاركة ميدانيا في الفعاليات السياسية اتي تنظمها الأحزاب والفصائل السياسية في بعض الأماكن العامة.
نتيجة للانقسام السياسي، اتجه الشباب الفلسطيني نحو الانخراط أكثر في الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني بدلاً من الأنشطة الحزبية، وذلك بسبب عدم قدرة الأحزاب، والفصائل السياسية على تحقيق أحلام الشباب الفلسطيني في مجال الحرية، والاستقلال، والحصول على فرص عمل، والعيش حياة كريمة في وطن موحد ومحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
أثرَ الانقسام السياسي الفلسطيني على توجهات الشباب الفلسطيني في مجال العمل الحزبي السياسي، حيث يرى معظم الشباب الفلسطيني أن المشاركة في الدورات التدريبية التي تُعدهم لسوق العمل وتتيح لهم الفرصة لاكتساب مهارات حياتية ومهنية أفضل لهم، بدلاً من الانخراط في أنشطة سياسية حزبية تتبنى أيدولوجيات، وأجندات سياسية لا تتماشى مع تطلعات الشعب الفلسطيني في التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ثانياً) الأطر الطلابية
يعود تاريخ الحركة الطلابية الفلسطينية إلى بدايات القرن العشرين، أواخر العهد العثماني حيث انخرط الطلاب العرب الفلسطينيين في الأحزاب والجمعيات والنوادي الثقافية والخيرية والرياضية والكشفية مثل: جمعية الإخاء، والمنتدى الأدبي، والجمعية القحطانية وجمعية العهد وحزب اللامركزية، والتي اهتمت بالجانب السياسي المرتكز على عداء الصهيونية، وعلى المطالبة بالإصلاح واللامركزية إضافة إلى الجوانب الثقافية والاجتماعية.[7]
تم تأسيس “الاتحاد العام لطلبة فلسطين” في العام 1959، وهي منظمة طلابية، تسعى إلى ضم جميع الطلبة الفلسطينيين في الوطن العربي؛ وتم اعتبارها بمثابة المؤسسة النقابية الطلابية الفلسطينية الوحيدة المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، حيث سعي هذا الاتحاد لإعداد الشباب العربي لمعركة التحرير، وفضح المؤتمرات الإمبريالية والصهيونية والرجعية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، والعمل على حماية الثورة من كل ما تتعرض له من مؤامرات في شتى المجالات.[8]
تطور عمل الحركة الطلابية في فلسطين بعد منتصف السبعينات، ليشمل تأسيس مجالس طلبة، وكتل طلابية داخل الجامعات الفلسطينية وتتبع تلك الكتل الطلابية لفصائل سياسية فلسطينية ذات أيدولوجيات مختلفة، فمنها الكتلة الإسلامية التابعة لحركة حماس والتي تتبنى الفكر الإسلامي، وحركة الشبيبة الطلابية التي تنتمي لحركة فتح وتتبني الفكر الوطني العلماني، وجبهة العمل الطلابي التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تتبنى الفكر اليساري.
لعبت الحركة الطلابية الفلسطينية دوراً كبيراً في القضية الفلسطينية، وفي التعبير عن قضايا الشعب الفلسطيني عبر الجامعات الفلسطينية في فلسطين، والجامعات العربية، والغربية خارج الأراضي الفلسطينية، حيث عُرف الطلبة الفلسطينيين في الداخل، والخارج بتنظيمهم عدة أنشطة وفعاليات طلابية في ساحات الجامعات الفلسطينية، وغير الفلسطينية، لمناصرة القضية الفلسطينية، والترويج للتراث الفلسطيني عبر تنظيم معارض وطنية ودولية تُروج لتراث الشعب الفلسطيني، وأهم الكتب والمنشورات التي تناولت قضية الشعب الفلسطيني.
أثر الانقسام السياسي الفلسطيني على توجهات الشباب الفلسطيني من الانضمام لتلك الأطر الطلابية، حيث أضعف الانقسام السياسي الفلسطيني مشاركة الطلبة الشباب الفلسطينيين في تلك الأطر الطلابية، نتيجة لحالة الاستقطاب والمنافسة بين تلك الأطر الطلابية التي تحاول أن تستقطب الطلبة الفلسطينيين إلى أجندات حزبية ضيقة، للدفاع عن وجهة نظر الفصائل المنقسمة، بدلاً من التوحد ضمن إطار وطني واحد يهدف للتحرر من براثن الاحتلال الإسرائيلي.
يُعد الانقسام السياسي الفلسطيني من أخطر ما واجهته الحركة الطلابية الفلسطينية على مدار تاريخها الطويل، سواء من حالة التشظي، وفقدان البوصلة، وحالة التيه والضياع التي رافقت الانقسام السياسي.
أثر أيضا الانقسام السياسي الفلسطيني على مجمل العلاقات الوطنية والنضالية والنقابية بين الكتل الطلابية بالانقسام، لاسيما بين حركة الشبيبة الطلابية المحسوبة على حركة “فتح” والكتلة الإسلامية المحسوبة على حركة “حماس”. في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تسلم مؤسسات التعليم العالي من التدخل الخارجي، بل أنها كانت ساحات لتصفية الحسابات بين الطرفين[9].
أدى الانقسام السياسي الفلسطيني لعرقلة عملية الانتخابات الديمقراطية في الجامعات الفلسطينية وتحديداً في جامعات قطاع غزة، مما حرم ذلك عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين من ممارسة حقهم الديمقراطي لانتخاب من يمثلهم داخل تلك الأطر الطلابية وذلك بسبب حالة الاحتقان السياسي والمناكفات والاتهامات المتبادلة بين الكتل الطلابية.
ساهم ذلك في احداث تحول في توجهات الشباب الفلسطيني في مجال العمل السياسي الطلابي، حيث أصبح الطلبة الفلسطينيين يتجهون أكثر نحو الهجرة إلى الخارج باحثين عن فرصة حياة كريمة، بدلاً من التورط في الداخل بمشاكل سياسية حزبية تقيد حريتهم في الحركة والتنقل، أو تحد من فرص حصولهم على عمل كريم، حيث قيد الانقسام السياسي الفلسطيني حرية الشباب الفلسطيني في التعبير عن أراءهم بديمقراطية، وجعلهم يشعرون بالخوف من التعرض للتهديد أو الاعتقال السياسي.
أدى ذلك إلى ابتعاد الشباب الفلسطيني عن الأنشطة الطلابية السياسية، بسبب تأثر العمل الطلابي بالأجندات السياسية المتصارعة بين الفصائل الفلسطينية، حيث شهد الطلاب الفلسطينيون عدة نزاعات داخل الجامعات الفلسطينية بين مؤيدي ومعارضي بعض الفصائل السياسية، مما أدى ذلك إلى زعزعة ثقة الشباب الفلسطيني في تلك الأطر الطلابية، وجعلهم ذلك أيضا يشككون في مدى جدية تلك الأطر الطلابية في الدفاع عن مصالح الطلبة الفلسطينيين في داخل الجامعات الفلسطينية أو غير الفلسطينية.
ثالثاً) المقاومة الشعبية
مع فقدان الأمل بإمكانية انهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، وفي ظل شدة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وزيادة انتهاكات المستوطنين في الضفة الغربية و الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لباحات المسجد الأقصى ، اتجه بعض الشباب الفلسطيني لتركيز نشاطه السياسي نحو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر، بعيدا عن الأحزاب والفصائل السياسية، فبدلا من الانخراط في الأنشطة السياسية الحزبية و التشتت والانشغال في مشاكل الانقسام الفلسطيني، توجه بعض الشباب الفلسطيني الناشط سياسيا باتجاه مقارعة الاحتلال الإسرائيلي مباشرةً بغض النظر عن رؤية الأحزاب السياسية نحو الصراع مع الاحتلال ، حيث تشكلت بعض المجموعات الشبابية التي فضلت المشاركة في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة أو المشاركة في هبات المسجد الأقصى في القدس أو الهبات ضد الاستيطان في الضفة الغربية و التظاهرات السلمية لمناصرة الشعب الفلسطيني التي تم تنظيمها في داخل الخط الأخضر و في أراضي الشتات الفلسطيني.
تعتبر مسيرات العودة في قطاع غزة، التي بدأت خلال عام 2019 من أبرز المؤشرات على تغيير توجهات الشباب الفلسطيني في قطاع غزة أثناء فترة الانقسام الفلسطيني، حيث اتجه الشباب الفلسطيني للتنفيس عن غضبه من الانقسام السياسي والحصار الإسرائيلي نحو مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي عبر استخدام أدوات المقاومة الشعبية المتمثلة بالتظاهر بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة.
أفرزت فعاليات مسيرة العودة في غزة، تكتيكات جديدة من المقاومة الشعبية مثل فعاليات الإرباك الليلي والتي يستخدم الشباب الفلسطيني فيها البالونات الحارقة ضد المدن الإسرائيلية القريبة من حدود قطاع غزة، مما يسبب حرائق للأراضي الزراعية في المدن الإسرائيلية وخسائر زراعية فادحة للجانب الإسرائيلي. وهو ما دفع شباب الضفة الغربية في نابلس لاستلاهم تجربة وحدات الارباك الليلي في غزة، ونقل فعالياتها إلى بلدة بيتا جنوب نابلس، مما يُعد تطورا هاما في توجهات الشباب السياسية بالضفة الغربية في مجال المقاومة الشعبية الفلسطينية، ضد الاستيطان الإسرائيلي، الذي التهم بعض أراضي بلدة بيتا.
استخدم شباب الضفة الغربية “الإرباك الليلي”، كاحتجاج شعبي، وفعاليات شعبية يتم تنظيمها بشكل شبه يومي في أوقات المساء والليل، وذلك للمطالبة بإخلاء بؤرة استيطانية إسرائيلية قد أقيمت سابقاً على أنقاض جبل صبيح في البلدة، حيث أشعل الشبان الفلسطينيون النار في إطارات مطاطية، ونفخ آخرون في أبواق تُصدر أصواتاً مُزعجة، بينما سلّط البعض مصابيح إنارة “الليزر” نحو “كرافانات” البؤرة الاستيطانية.
يدل توجه الشباب الفلسطيني في قطاع غزة و الضفة الغربية نحو تنظيم فعاليات الارباك الليلي، على تغيير كبير في الآليات، والأدوات السياسية للشباب الفلسطيني من حيث الرغبة الشديدة للشباب الفلسطيني في المساهمة بعملية تغيير واقع الاستيطان الإسرائيلي بيده هو، و بمصادره الذاتية بدلا من الاتكال على القرارات السياسية الحزبية التي يتم اتخاذها حسب البرنامج السياسي الخاص لكل حزب أو فصيل سياسي، فالشباب الفلسطيني أصبح لديه بسبب الانقسام السياسي الفلسطيني شوقاً كبيراً للعمل الميداني على أرض الواقع، باعتباره وسيلة عملية يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بدلاً من الاكتفاء بسماع التصريحات و البيانات السياسية الصادرة من قادة الفصائل الفلسطينية.
شهدت أيضا فترة الانقسام السياسي الفلسطيني مشاركة الشباب الفلسطيني في القدس بعدة هبات شعبية نصرة للمسجد الأقصى، حيث أثر الانقسام السياسي الفلسطيني على توجهات الشباب المقدسي في مجال المشاركة السياسية من ناحية رغبة الشباب المقدسي بتوجيه الأنظار لقضية المسجد الأقصى، والقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، بعد أن تشتت أنظار العالم العربي، والإسلامي عن القضية الفلسطينية، وخاصة القدس، بسبب الانقسام الفلسطيني الذي أضعف الموقف الفلسطيني في الدول العربية، وباقي دول العالم.
من أكثر الهبات الشعبية تأثيرا، والتي شارك بها الشباب الفلسطيني في القدس هي هبة البوابات الالكترونية في عام 2017 عندما قامت الشرطة الإسرائيلية بتركيب بوابات الكترونية أمام المداخل الرئيسية للمسجد الأقصى، فقام حينذاك الشباب المقدسي بالاعتصام أمام أبواب المسجد الأقصى، مما أدى ذلك إلى تراجع الشرطة الإسرائيلية عن قرار وضع البوابات الالكترونية، وقامت بإزالتها من أمام بوابات المسجد الأقصى.
شارك أيضا الشباب الفلسطيني مؤخراً بهبة القدس خلال شهر رمضان من عام 2021، حيث شهدت القدس مواجهات كبيرة بين الشباب المقدسي من جهة وقوات الشرطة الإسرائيلية، وأحيانًا بمشاركة عناصر من التنظيمات اليهودية المتطرفة، من جهة أخرى، وذلك في عموم فلسطين التاريخية، و القدس و الضفة الغربية ، وجاءت هذه الهبة نتيجة ثلاثة تطورات رئيسة: محاولة إجلاء فلسطينيين عن منازلهم في حي “الشيخ جراح”، في القدس الشرقية، ومحاولة شرطة الاحتلال إغلاق مدرجات حي “رأس العامود”، التي تعد من المعالم الوطنية الفلسطينية المهمة في القدس، وبالمقابل، السماح للجماعات اليهودية المتطرفة بتنظيم مسيرات في الأحياء الفلسطينية من المدينة واقتحام شرطة الاحتلال المسجد الأقصى. [10]
ظهرت أيضاً خلال فترة الانقسام السياسي الفلسطيني ظاهرة استخدام بعض الشباب الفلسطينيين السكاكين لطعن المستوطنين، والجنود الإسرائيليين المتواجدين في الضفة الغربية و القدس، حيث استخدم بعض الشباب الفلسطيني السكين كسلاح فردي وكمبادرة شخصية يقوم بها الشاب الفلسطيني أو الشابة الفلسطينية على مسؤوليته الخاصة، للانتقام من الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية و القدس بطريقته الخاصة دون توجيه من أي فصيل سياسي، وذلك رغبةً منهم بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للتخلي عن مشاريعه الاستيطانية بالضفة الغربية و القدس.
أدت معظم عمليات الطعن التي قام بها الشباب الفلسطيني ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي إلي استشهادهم على الفور جراء إطلاق الرصاص عليهم من قبل جنود الاحتلال ، حيث أربكت عمليات الطعن الفردية الاحتلال الإسرائيلي، لأن معظم الشباب الفلسطيني الذي قام بها لم يكن له سجل أمني عند أجهزة المخابرات الإسرائيلية و لم يكن محسوبا بشكل واضح على أي تنظيم سياسي فلسطيني، مما جعل ذلك الاحتلال الإسرائيلي يطلق على الشباب الفلسطيني غير المنتمي سياسيا و الذي يقوم بعمل عمليات طعن فردية ظاهرة ” الذئاب المنفردة ” وهو مسمى عادة ما يتم استخدامه لوصف الأشخاص الذين يفاجؤون قوات الاحتلال الإسرائيلية عبر شنهم عمليات طعن على الرغم من عدم وجود لديهم تاريخ في العمل السياسي المقاوم.
دفع الانقسام السياسي الفلسطيني الشباب الفلسطيني، في القدس نحو التوجه أكثر للدفاع عن المسجد الأقصى، ومدينة القدس، حيث وجد الشباب المقدسي أن الدفاع عن القدس ومقدساته هو واجب وطني يستحق بأن يكون من أبرز أنشطتهم السياسية خاصة مع انشغال القادة الفلسطينيين في قضايا خلافية بدلاً من التركيز على حماية القدس، ومقدساتها في ظل المحاولات الإسرائيلية المتكررة لتهويد القدس، وتهجير سكانها الفلسطينيين من بيوتهم الأصلية.
أبرزت الأحداث الأخيرة حول محاولات حماية المسجد الأقصى من اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين والتصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية في غزة، وقوات الاحتلال الإسرائيلي، مدى تأثير شباب فلسطيني الداخل على القضية الفلسطينية، و مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي في أراضي المحتلة عام 1948، حيث أ أكدت مشاركة شباب الداخل في المظاهرات الجماهيرية ضد قوات الشرطة الإسرائيلية في أراضي الخط الأخضر، بأن الفلسطينيين في الداخل هم جزء أصيل لا يتجزأ من القضية الفلسطينية، وأن سياسات التدجين الإسرائيلية لم تنجح معهم.
ومن خلال التظاهرات و المسيرات الجماهيرية التي قام بها شباب الداخل، ورفعهم للعلم الفلسطيني في شوارع مدن الخط الأخضر المسيطر عليها من قوت الشرطة الإسرائيلية، أوصل شباب الداخل الفلسطيني رسالة للعرب و للعالم أجمعه، بأن فلسطيني الداخل هم فلسطيني الهوية و الانتماء بالرغم من امتلاكهم الهوية الإسرائيلية، إلا أنهم جزء أصيل من الأمة العربية، وهم جزء لا يتجزأ من الحل النهائي للقضية الفلسطينية، و أن انتمائهم الأول و الأخير هو للشعب الفلسطيني و ليس لإسرائيل الذين مازالوا يعتبرونها قوة استعمارية.
رابعاً) حركة مقاطعة إسرائيل
لعب الشباب الفلسطيني في الشتات دوراً هاماً خارج الوطن، ليس فقط من خلال مشاركته في تجمعات سلمية في شوارع الدول الاوربية، والعربية من أجل مناصرة الشعب الفلسطيني، وكشف الانتهاكات الإسرائيلية خاصة بعد الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة منذ عام 2008 حتى عام 2021، ولكن أيضاً من خلال دوره البارز في نشر ثقافة المقاطعة في المجتمع الغربي.
أثناء فترة الانقسام السياسي الفلسطيني، وفي ظل عدم وحدة العمل السياسي الفلسطيني في الخارج، والاختلاف في المواقف السياسية الخارجية بين حركتي فتح وحماس، تقلص اهتمام الشباب الفلسطيني في الخارج بأنشطة الفصائل الفلسطينية، واتجه الشباب نحو الانضمام لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، بدلا من الانجرار إلى أزمة الخلافات الفلسطينية الداخلية التي شوهت صورة الشعب الفلسطيني خارج الوطن.
أضعف الانقسام السياسي الفلسطيني موقف الشاب الفلسطيني الذي يعيش في الشتات، والذي يحاول مناصرة قضيته الفلسطينية بكل قواه المادية والمعنوية، حيث أصبح صوت الشاب الفلسطيني الناشط سياسياً غير مقنعا للغرب، الذي يراقب بكثب الوضع السياسي الداخلي الفلسطيني الممزق بسبب الانقسام السياسي الفلسطيني،
منح الانقسام السياسي الفلسطيني فرصة للاحتلال الإسرائيلي لكي يشوه سمعة وصورة الشعب الفلسطيني ومظهره الحضاري حيث فقد السلاح والمقاتل الفلسطيني احترامه أمام العالم، عندما انحرفت البوصلة عن مسارها الوطني أصبح السلاح يوجه نحو الفلسطيني، عندها تحولت القضية من شعب يناضل من أجل الحرية والاستقلال إلى صراع على سلطة وهمية بين من يفترض أنهم فصائل حركة تحرر وطني[11].
وحدت حركة المقاطعة جهود الشباب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، والمستوطنات الإسرائيلية من خلال محاولة عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً كذلك عن طريق تشكيل حملات ضغط ومناصرة على الحكومات، والجامعات والشركات الغربية، وغيرهم من المشاهير، والمؤثرين في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية من أجل مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية وسحب الاستثمارات من المستوطنات الإسرائيلية، وعدم التعاون مع الجامعات الإسرائيلية.
جذبت حركة المقاطعة عدداً كبيراً من الشباب الفلسطيني في الخارج الذي وجد تلك الحركة كوسيلة سلمية للتعبير عن مقاومته للاحتلال الإسرائيلي بدلا من الانضمام للعمل الحزبي، والفصائلي الذي مازال يعاني من حالة كبيرة من التشرذم والانقسام السياسي.
نتيجةً للفجوة السياسية التي خلفها الانقسام السياسي الفلسطيني في العمل السياسي والدبلوماسي الخارجي، أثرت حركة المقاطعة بشكل كبير على توجهات الشباب الفلسطيني بالخارج، خاصة على الشباب الفلسطيني، الذي أراد أن يهرب من مشاكل الانقسام السياسي الفلسطيني، وذلك عبر مشاركته في أنشطة سلمية تناصر القضية الفلسطينية بطريقة غير تقليدية، وذات أبعاد سياسية وأكاديمية واقتصادية.
خامساً) الانتخابات التشريعية
أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس بتاريخ 15\1\2021، مرسوما رئاسياً، يقضي بإجراء انتخابات تشريعية في 22\5\2021، من ثم تتبعها انتخابات رئاسية بتاريخ 31\7\2021.
ومع عدم صدور موافقة إسرائيلية رسمية لإجراء الانتخابات التشريعية في مدينة القدس، أعلن الرئيس الفلسطيني بتاريخ 30\4\2021، تأجيل الانتخابات التشريعية لحين الحصول على موافقة إسرائيلية رسمية لعقد الانتخابات التشريعية الفلسطينية في مدينة القدس، كون القدس تعتبر عاصمة الدولة الفلسطينية المقدس، ولا يمكن التنازل عنها بسبب أي إجراء سياسي فلسطيني.
أدى تأجيل الانتخابات التشريعية لأجل غير مسمى إلى شعور الشباب الفلسطيني بخيبة أمل كبيرة، حيث عندما أعلن الرئيس الفلسطيني عن موعد الانتخابات التشريعية لعام 2021، توقع الشباب الفلسطيني أن يتم منحهم الفرصة لاستخدام صوتهم الانتخابي لانتخاب قادة شباب يمثلونهم في الحياة السياسية، ويعملون على إيصال مطالب الشباب الفلسطيني لأصحاب القرار.
عبر مراجعة بيانات لجنة الانتخابات المركزية ، والجداول الإحصائية لأعداد المؤهلين للاقتراع ممن بلغوا 18 عاماً وأكثر في كافة المراكز حتى تاريخ 31 تموز 2021، تم ملاحظة أن عدد الشباب الفلسطيني من ذوي الفئة العمرية ما بين 18- 30 عاما، والمسجلين للانتخاب يبلغ نحو مليون شاب وشابة [12]، أي أنهم يمثلون نسبة 40% من مجموع السكان الفلسطينيين المسجلين في سجل الاقتراع في الانتخابات التشريعية لعام 2021، مما يدل ذلك على الاهتمام الكبير للشباب الفلسطيني في الانتخابات التشريعية، ورغبته العارمة في تغيير الأوضاع السياسية المتأزمة في فلسطين عبر انتخاب قيادة جديدة، قد تستطيع أن تنهى الانقسام السياسي الفلسطيني، توحد صفوف الشعب الفلسطيني.
ومن أهم الأسباب التي دعت الشباب الفلسطيني للتوجه إلى التسجيل بالانتخابات التشريعية وترشيح نفسه ضمن قوائم شبابية مستقلة هي ما يلي:
- الانقسام السياسي الفلسطيني الذي أحبط أحلام الشباب بالعيش في وطن حر ومستقر سياسيا وأمنيا.
- رغبة الشباب الفلسطيني بالمساهمة في عملية التغيير والإصلاح السياسي للنظام الفلسطيني المهترئ بسبب سنوات الانقسام السياسي الفلسطيني الطويلة.
- انعدام أي أفق لحل سياسي للقضية الفلسطينية بسبب الانقسام السياسي الفلسطيني، ورغبة الشباب الفلسطيني في طرح حلول، وأفكار للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، وإيقاف عملية الاستيطان الإسرائيلي.
- عدم ثقة الشباب الفلسطيني بالفصائل والأحزاب السياسية مما جعلهم ذلك يشاركون بقوائم شبابية مستقلة لقيادة القرار السياسي الفلسطيني بعيدا عن أجندة الأحزاب والفصائل الفلسطينية.
- الازمات الاقتصادية والبطالة المنتشرة في صفوف الشباب الفلسطيني، وعدم قدرة الشباب على إيجاد فرص عمل كريمة خاصة في قطاع غزة.
- حالة الاغتراب السياسي التي يعيشها معظم الشباب الفلسطيني بسبب شعوره بعدم وجود أجندة وطنية موحدة، واستراتيجية وطنية سياسية هادفة للتحرر، والاستقلال، وبناء الوطن للجميع بغض النظر عن الخلفية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية للمواطن الفلسطيني.
- تهميش القيادات السياسية لحركتي فتح وحماس، لدور الشباب السياسي المنتمي لفصائلهم السياسية في عملية صنع القرارات العليا، حيث لم يتولى الشباب الناشط سياسيا مراكز قيادية في تلك الفصائل، واقتصر دور هؤلاء الشباب على المشاركة في الأنشطة الميدانية الجماهيرية مثل المشاركة في المسيرات والتجمعات الجماهيرية.
ترك الانقسام السياسي الفلسطيني أثراً كبيراً على توجهات الشباب نحو الانتخابات التشريعية، حيث يرى معظم الشباب الفلسطيني ممارسة حقه الديمقراطي في الترشح أو الانتخاب بأنه الطريق الأفضل لعملية التغيير والإصلاح السياسي للنظام السياسي الفلسطيني الضعيف، والذي تضرر بسبب الانقسام السياسي الفلسطيني، وتشتت وحدة القرار السياسي الفلسطيني.
عقد معظم الشباب الفلسطيني آمالا كبيرة للمشاركة في عملية ديمقراطية تأخر إجرائها منذ سنوات، بسبب الانقسام السياسي الفلسطيني، مما جعل بعض فئات من الشباب الفلسطيني المستقل يُشكل قوائم انتخابية مستقلة تمثل التوجهات السياسية الجديدة للشباب في مجال دعم الشباب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الاجتماعية و الاقتصادية و ليست فقط السياسية، وذلك من ناحية الحصول على فرص عمل و حرية التنقل و السفر و الحق في العيش بحياة كريمة تخلوا من العنف و القيود المجتمعية، فقد أبرزت عملية الترشح للانتخابات التشريعية على سبيل المثال ، قوائم شبابية مستقلة أرادت أن تشارك في العملية الانتخابية عبر تقديمها لقوائم شبابية مستقلة تحمل في طيها هموم الشباب الفلسطيني و تروج لبرامج سياسية و اجتماعية متنوعة تركز على قضايا الشباب. و من أبرز القوائم الشبابية التي رشحت نفسها في الانتخابات التشريعية التي كان منوي عقدها خلال عام 2021، هي : (قائمة حراك طفح الكيل، و قائمة كرامتي الشبابية المستقلة، و قائمة حلم التجمع الشباب المستقل).[13]
- البدائل المقترحة
البديل الأول: عقد جلسات حوار ونقاش مستمرة بين الشباب الفلسطيني، وقادة الفصائل، والأحزاب السياسية الفلسطينية
هناك ضرورة لتنظيم جلسات حوار ومناقشة بين الشباب الفلسطيني، وقيادات الفصائل، والأحزاب السياسية الفلسطينية من أجل الاستماع لوجهة نظر الشباب الفلسطيني وتبادل الحلول، والمقترحات في كيفية إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، والبحث عن سبل تعزيز المصالحة الوطنية ونشر السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني، دون التفرد بالقرار السياسي من قبل قادة الفصائل ولإعطاء الفرصة للشباب الفلسطيني للتعبير عن رأيه بكل حرية، واحترام دون تهميشه أو التقليل من شأنه.
المنفعة والخسارة: مشاركة الشباب الفلسطيني في جلسات الحوار مع قادة الفصائل ستحدث حوار ديمقراطيا، وتقاربا بين الشباب والقادة السياسيين من أجل الوصول لحل سلمي برؤية شبابية لإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني. كما يعزز الحوار الديمقراطي دور الشباب الفلسطيني في عملية المصالحة الوطنية، وتعزيز السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني.
المقبولية: يشكل هذا البديل مقبولية لدى كافة فئات الشباب الفلسطيني، كونه يعبر عن حق الشباب الفلسطيني بالتعبير عن رأيه، وسماع صوته من قبل صناع القرار السياسي على المستوى الوطني.
إمكانية التطبيق: يمكن تطبيق هذا البديل عبر التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، والجامعات الفلسطينية لاستضافة هذا النوع من جلسات الحوار، وتشجيع أكبر عدد ممكن من الشباب الفلسطيني للمشاركة في تلك الجلسات مع احترام معايير الحوار الديمقراطي والسلمي.
الوعي العام: يدلل إقبال الشباب على هذه الجلسات على مدى وعيهم بأهمية مشاركة رأيهم الحر، واسماع صوتهم لصناع القرار في سبيل تحقيق مصالحة وطنية ومناقشة حلول عملية مع قادة الأحزاب لإنهاء الانقسام السياسي.
البديل الثاني: عمل مبادرات شبابية وطنية تشمل أنشطة شبابية توعوية وسياسية لإنهاء الانقسام السياسي تمثل الشباب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وأراضي ل 48 وأراضي الشتات.
العمل على تشجيع جميع فئات الشباب الفلسطيني في كافة أنحاء الوطن، والشتات لتقديم مبادرات شبابية وطنية موحدة من أجل تقديم حلول إبداعية لإنهاء الانقسام السياسي، ومن أجل الضغط على قادة الفصائل الفلسطينية للعمل بشكل جدي لإنهاء الانقسام السياسي، والتركيز على قضية التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
و قد تشمل تلك المبادرة الوطنية عدة أنشطة توعوية للمجتمع الفلسطيني يتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلي توعية كافة فئات المجتمع الفلسطيني بثقافة التسامح و السلم الأهلي وأهمية المصالحة الوطنية، وقد تشمل أيضا جلسات استماع يقوم بها الشباب الفلسطيني عبر تقنية برنامج الزووم من أجل اسماع قادة الفصائل الفلسطيني صوت الشباب الفلسطيني الحر ورؤيته لإنهاء الانقسام السياسي، ورغبته في المشاركة بعملية صنع القرار، بالإضافة لذلك قد تشمل المبادرة الشبابية بعض الأنشطة السياسية التي تتمثل بتنظيم وقفات جماهيرية سلمية تناشد كافة الفصائل للوحدة الوطنية و إعداد أوراق سياسية شبابية يتم نشرها عبر المنصات الإعلامية و توزيعها على الفصائل السياسية.
المنفعة والخسارة: يُشكل هذا البديل منفعة للشباب الفلسطيني، وللمجتمع الفلسطيني حيث سيعزز هذا البديل ثقافة التسامح، والسلم الأهلي داخل المجتمع الفلسطيني في كافة أنحاء الوطن، وسيؤدي هذا البديل لتوحيد العمل الشبابي السياسي على الصعيد الوطني دون تهميش أي منطقة جغرافية لأنه سيشمل مشاركة الشباب من كل انحاء الوطن والشتات، مما سيعزز الوحدة الوطنية بين جميع الشباب الفلسطيني على الرغم من الحواجز الجغرافية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
المقبولية: هناك قبول كبير بين الشباب الفلسطيني للمشاركة في مبادرات وطنية موحدة، حيث هناك رغبة كبيرة عند الشباب الفلسطيني للتعرف على أقرانهم في كافة أنحاء الوطن والتعلم من تجاربهم في العمل السياسي والنضال الوطني.
إمكانية التطبيق: في ظل التكنولوجيا الحديثة، وكثرة إقبال الناس على استخدام مواقع التواصل المجتمعي يمكن أن يتم تطبيق هذا البديل عبر تنظيم أنشطة مشتركة بين الشباب باستخدام تقنية الزووم، ويمكن أيضا الترويج لقضايا السلم الأهلي وتوعية المجتمع الفلسطيني بمتطلبات المصلحة الوطنية عبر توظيف مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظيم حملات رقمية للتوعية في قضايا المصالحة الوطنية.
الوعي العام: يدلل تطبيق هذا البديل على وعي الشباب الفلسطيني بأهمية العمل الشبابي الجماعي الذي يوحد الجهود الشبابية لمصلحة الوطن ومن أجل تحقيق ودة وطنية على الرغم من الانقسام الجغرافي الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
البديل الثالث: عقد مؤتمر شبابي وطني يجمع بين شباب قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس، وأراضي 48، والشتات
عقد مؤتمر شبابي وطني لمناقشة أخر تطورات القضية الفلسطينية، والاتفاق على برنامج عمل سياسي شبابي لإنهاء الانقسام السياسي والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، بحيث يتم تنظيم هذا المؤتمر بشكل مشترك في الضفة الغربية وقطاع غزة و يتم التنسيق مع شباب الشتات لحضور هذا المؤتمر عبر تقنية الفيديو كونفرنس، حتى يتم الخروج بتوصيات مشتركة من قبل كافة فئات الشباب الممثل عبر هذا المؤتمر بحيث يتم تقديم تلك التوصيات لقادة الفصائل السياسية من أجل إنهاء الانقسام السياسي و العمل على تطبيق برنامج سياسي موحد للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
المنفعة و الخسارة: يُشكل هذا البديل منفعة للفصائل السياسية لأنه سيطلعهم على توصيات هامة من قبل الشباب الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام السياسي و التحرر من الاحتلال مما يُسهل لهم العمل على المصالحة الوطنية لأن تلك التوصيات ستكون من قبل شباب مثقف لديه خبرات سياسية متنوعة قد تساهم في توسيع آفاق العمل السياسي الحزبي المنحصر على خبرات قادة من ذوي فئات عمرية كبيرة ، لذا مشاركة الشباب الفلسطيني في مجال تقديم حلول سياسية لإنهاء الانقسام الفلسطيني ستجدد من عملية الأفكار السياسية المتبادلة في اجتماعات الفصائل السياسية التقليدية.
المقبولية: سيشكل هذا المؤتمر الشبابي قبولا كبيرا في صفوف الشباب الفلسطيني الذي يتوق للتعبير عن صوته، والمساهمة في تقديم حلول وتوصيات لإنهاء الانقسام السياسي لكي يتم اعتمادها من قبل الفصائل السياسية، وسيلقى هذا المؤتمر قبولا أيضا من المثقفين والنشطاء السياسيين والإعلاميين الذين يروجون لدور الشباب في عملية صنع القرار السياسي.
إمكانية التطبيق: يمكن تطبيق هذا المؤتمر عمليا في الضفة الغربية وقطاع غزة بالتنسيق مع وزارة الشباب الفلسطيني أو بالتنسيق مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني الكبرى لرعاية هذا المؤتمر، ويمكن أن يشارك الشباب الفلسطيني بالشتات في هذا المؤتمر عبر تقنية برنامج الزووم.
البديل الرابع: تنظيم حملات ضغط ومناصرة لتفعيل انتخابات مجالس الطلبة في جامعات قطاع غزة
العمل على تنظيم حملات مناصرة وضغط من قبل الشباب الفلسطيني المنتمي للجامعات الفلسطينية في قطاع غزة من أجل الضغط على قادة الفصائل، والأحزاب السياسية الفلسطينية لتفعيل انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة لانتخاب قيادات طلابية ديمقراطية جديدة تقوم بدعم الطلبة الجامعيين، وتقوم بتوعيتهم في مجال السلم الأهلي والمشاركة السياسية الديمقراطية.
وقد تشمل الحملة وقفات طلابية أمام أبواب الجامعات الفلسطينية، وتنظيم مؤتمرات صحفية يتم بثها عبر وسائل الإعلام الفلسطينية للترويج لفكرة عودة الانتخابات الطلابية داخل جامعات القطاع، والضغط على الفصائل السياسية لتطبيق تلك الانتخابات، واحترام نتائجها.
المنفعة والخسارة: سيعود ذلك البديل بالمنفعة على طلبة الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، حيث سيوفر لهم مناخ ديمقراطي لممارسة حقهم الديمقراطي لانتخاب ما يمثل مصالحهم في الجامعات الفلسطينية، ومن يدافع عن حقوقهم الجامعية داخل الجامعات الفلسطينية.
المقبولية: يشكل هذا البديل قبولاً كبيرا في صفوف الطلبة الجامعيين، لكنه ربما يواجه اعتراضا من قبل بعض الفصائل الفلسطينية التي قد ترى أن تلك الانتخابات ستبرز شعبية بعض الفصائل السياسية المعارضة مما يغير ذلك من المشهد السياسي داخل الحركة الطلابية الجامعية بقطاع غزة ويؤدي إلى حدوث تنافس واستقطاب سياسي داخل ساحات الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة.
إمكانية التطبيق: يعتبر هذا البديل صعب التطبيق في ظل الانقسام السياسي واتساع الفجوة بين حركتي حماس وفتح، لكن يمكن تطبيقه في حال كان هناك حوار شبابي بين الطلبة الجامعيين وحركة حماس المسيطرة على قطاع غزة، من أجل اقناع الحركة بأهمية تشجيع الانتخابات الطلابية الديمقراطية داخل الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة.
الوعي العام: يدلل تطبيق هذا البديل على وعي الطلبة بأهمية ممارسة حقهم الديمقراطي لاختيار من يمثلهم في الجامعات الفلسطينية بطريقة سلمية دون الانخراط في صراعات حزبية، مع وضع أولوية لدور الشباب في المشاركة بإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني.
- المفاضلة بين البدائل
هناك أهمية لجميع البدائل المطروحة في حل المشكلة. لذا، توصي الورقة بتبنيها جميعا مع تنفيذها بالتدريج حسب الترتيب أعلاه، بدءًا بالبديل الأول فالثاني، حيث تعتبر تلك البدائل ضرورة شبابية للمساهمة في حل مشكلة الانقسام السياسي ضمن رؤية شبابية متجددة، تساهم في عملية التجديد السياسي في برامج الفصائل السياسية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.
وترى الورقة أن العمل على تطبيق البديلين الأول، والثاني المتمثلان في عمل حوارات شبابية، ومبادرة شبابية وطنية هما من ضمن البدائل المهمة التي ستقرب بين الشباب الفلسطيني، وقادة الأحزاب السياسية، والتي ستخلق حوار ديمقراطي سلمي بينهما بعيدا عن سياسة التهميش والإقصاء للشباب الفلسطيني المناضل سياسيا، والطامح لمشاركة سياسية إيجابية في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
- المراجع
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الفلسطينيون في نهاية العام 2020، 2020.
- 2. رحال ، عمر ، الحركة الطلابية الفلسطينية: إشكالية الفكر والممارسة و جدلية السلم الأهلي ، 2020 .
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، مسح الشباب الفلسطيني-2015، 2016.
- مركز العالم العربي للبحوث والتنمية –أوراد، نتائج استطلاع الرأي بين الشباب الفلسطيني، 2013.
- 5. منتدى شارك، تقرير حال الشباب في فلسطين 2013 ، 2013.
- منتدى شارك، تقرير الحال 2011: رياح التغيير، هل ستكسر جدران الاضطهاد، 2011.
- أبراش، ابراهيم: جذور الانقسام الفلسطيني ومخاطرة على المشروع الوطني، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 78، رام الله، فلسطين،2009.
- روابط أنترنت
- https://fatehmedia.ps/page-10690.html
- 9. https://www.palestinapedia.net/الاتحاد-العام-لطلبة-فلسطين/
- https://studies.aljazeera.net/ar/article/4999
- 11. https://www.elections.ps/tabid/1163/language/ar-PS/Default.aspx
- 12. https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3986
[1] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، الفلسطينيون في نهاية العام 2020 ، 2020.
[2] https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3986
[3] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، مسح الشباب الفلسطيني-2015، 2016.
[4] مركز العالم العربي للبحوث و التنمية –أوراد ، نتائج استطلاع الرأي بين الشباب الفلسطيني، 2013.
[5] منتدى شارك ، تقرير الحال 2011 : رياح التغيير ، هل ستكسر جدران الاضطهاد ، 2011.
[6] منتدى شارك ، تقرير حال الشباب في فلسطين 2013 ، 2013.
[7] https://fatehmedia.ps/page-10690.html
[8] https://www.palestinapedia.net/الاتحاد-العام-لطلبة-فلسطين/
[9] رحال ، عمر ، الحركة الطلابية الفلسطينية: إشكالية الفكر والممارسة و جدلية السلم الأهلي ، 2020 . https://qudsnet.com/post/494502/الحركة-الطلابية-الفلسطينية-إشكالية-الفكر-والممارسة-وجدلية-السلم-الأه
[10] https://studies.aljazeera.net/ar/article/4999
[11] أبراش، ابراهيم: جذور الانقسام الفلسطيني ومخاطرة على المشروع الوطني، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 78، رام الله، فلسطين،2009.
[12] https://www.elections.ps/tabid/671/language/ar-PS/Default.aspx
[13] https://www.elections.ps/tabid/1163/language/ar-PS/Default.aspx