تأثير الإعلام الاجتماعي على تكوين الحراكات الشبابية

TR4 يناير 2022آخر تحديث :
تأثير الإعلام الاجتماعي على تكوين الحراكات الشبابية

كتابة: ريهام المقادمة

مقدمة: تهدف هذه الدراسة إلى تفكيك دور الإعلام الاجتماعي من خلال رصد أساليبه المتعددة ذات التأثير المختلف، وفهم طبيعة عملها كأداة عابرة للحدود وجامعة للفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، من خلال تحليل أدواتها وطريقة استخدامها للحشد والتعبير عن الرأي، وقدرتها على تكوين حراكات أو حركات شبابية ملتفة حول أهداف مشتركة، أو مطالب محددة في بعض الأحيان، تتطرق هذه الدراسة أيضا لأبرز عيوب الاتكال فقط على أدوات الإعلام الاجتماعي التي من شأنها أن تضعف أي حراك أو تفككه، وترمي هذه الدراسة إلى الدور الذي لعبه الإعلام الاجتماعي في تكوين الحراكات الشبابية بشكل أساسي بعد عام 2007 الذي تزامن كونه تاريخ مهم في حياة الفلسطينيين، وتاريخ قريب من إطلاق منصات إعلام اجتماعي عالمية حديثة، استطاع الشباب من خلالها تكون حراكات لها مطالب مسموعة وتتجاوز الانقسام الجغرافي الذي ولده الاحتلال الإسرائيلي، فهل استطاعت الحراكات تحقيق ما تسعى إليه؟ أم فقدت هدفها الحقيقي في خضم البحث عنه؟

تأطير نظري عام

شكل الإعلام الاجتماعي ظاهرة سريعة النمو والتطور، مما جعل من تعريف الإعلام الاجتماعي أو كما كان يشار إليه سابقا بالإعلام المجتمعي الذي كان يتخذ أشكالا كثيرة لم تقتصر على النشر على شبكة الإنترنت، بل كان المذاع والمطبوع شكل من أشكال الإعلام المجتمعي، وعند التطرق للحديث عن الإعلام المجتمعي، يطرح سؤال أي مجتمع؟ وفي طبيعة الحال يشار دائما إلى المجتمع كونه يقتصر على بقعة جغرافية ما تستطيع بأفرادها أن تشكل مجتمع، لكن مع انتشار فكرة الإعلام المجتمعي أصبح هناك مجتمعات خاصة بقضايا معينة، مثل مجتمع يعنى بقضايا المرأة وهو الأمر الذي لا يقتصر على المرأة في آسيا مثلا، بل يصبح هذا المجتمع ملاذا لكل مهتم بقضايا المرأة في أي مكان في العالم، وعند الحديث عن الإعلام المجتمعي يشار إليه كونه يستند على عدة محاور وهي ملكية المجتمع لوسيلة الإعلام وقدرته على التحكم بها، خدمة المجتمع، مشاركة المجتمع، نموذج لعمل غير ربحي، وعند توافر هذه الخصائص يصبح الحديث عن الإعلام المجتمعي أو الاجتماعي أكثر جدوى في غاياته المتنوعة التي تخدم قضايا مختلفة وقد تكون أساس قوي لتكوين حراكات شبابية في أي بقعة في العالم1.

يعرف قاموس أوكسفورد وسائل الإعلام الاجتماعية على أنها مواقع الويب والتطبيقات الي تمكن المستخدمين من إنشاء ومشاركة المحتوى في الشبكات الاجتماعية، أما وسائل الإعلام بشكل دقيق هي أشكال أو أساليب التواصل، المستخدمة لأغراض اجتماعية مثل مساعدة الناس في مشاركة المعلومات، وبالتالي تشمل وسائل الإعلام الاجتماعية المدونات بأشكالها وغيرها من أنواع المنصات الاجتماعية، وكونها تتطور بشكل سريع فهي تجاوزت الأمور التقنية ووسائل الاتصال فأصبحت المنصات والتطبيقات جزء منها وأصبح يشار لوسائل الإعلام الاجتماعية كونها تستخدم لمشاركة المحتوى في المنصات المختلفة2.

أما عن الحراكات الشبابية فعلينا التطرق لمفهوم الشباب وتعريفه بأدق وصف ممكن حتى نستطيع رصد الحراكات الشبابية الفلسطينية بطريقة منطقية، فيعرف الشباب حسب الأمم المتحدة على أنهم الفئة التي تتراوح أعمارها بين 15 و24 سنة وهذا التعريف وضع لأغراض احصائية خاصة في الأمم المتحدة وهو تعريف لا يفرض نفسه على باقي الدول الأعضاء3، ونظرا لذلك اعتمد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بتحديد الفئة العمرية للشباب من سن 18-29 سنة لتعبر عن فئة الشباب فلسطينيا، وتشكل نسبة الشباب الفلسطيني في المجتمع 22% أي ما يعادل أكثر من خمس المجتمع الفلسطيني حتى منتصف 2021، (%22.3 في الضفة الغربية، 21.8% في قطاع غزة)4، ومع كل هذه الإحصاءات العالمية والمحلية، فهنالك نظرة مجتمعية تختلف من مجتمع لآخر، فقد ينظر للفلسطيني حتى سن 35 سنة على أنه في مرحلة الشباب.

عند التطرق للحديث عن الحراكات يعتقد البعض أن الكلمة دقيقة بشكلها الحالي، ما يفتح لنا الباب للشرح والتفريق بين عدة كلمات قد تصل بنا لنتائج مهمة للتفريق بين مصطلح حركة وحراك، فالحراك وهي كلمة ظهرت بكثافة بعد 2011 عكست نوع من النشاط الشعبي المكثف ضمن حركات احتجاجية تهدف إلى تغيير شيء معين، وهناك مجموعة من السمات التي يتصف بها الحراك يمكن تلخيصها في عدة نقاط أولا: إعلان البراءة من الحزبية والفصائلية، ثانيا: المناهضة والرفض: بمعنى أن هذه الحراكات تعرف ما لا تريد أكثر مما تريد وبالتالي هي مناهضة دون أن تملك تصور واضح حول البديل، فهي حركات احتجاج وإزالة وليس حركات بناء وتطوير وتغيير على رغم أملها في ذلك، ثالثا: رفض القيادة المركزية فالحراكات تعلن أن لا قيادة لها ولا بنية محددة وأن قرارتها جماعية، رابعا: الفعل المباشر: فالحراكات تؤمن بالنزول إلى الشارع دون تطوير برامج أو أيديولوجيا، خامسا: عدم الاستمرارية: لا يوجد لدى الحراكات تصور واضح حول كيفية الاستمرار حتى وإن رغبوا في ذلك، سادسا: ناشطون بدل الأعضاء: بما أنه لا يوجد بنية تنظيمية محددة، فإن لفظ حراك يستخدم بدل حركة، ولفظ ناشط بدل عضو، والفرق الأساسي بين الناشط والعضو، أن الناشط يؤمن بقدر من الفردية والحرية في بدء النشاط متى شاء، وإنهائه متى شاء، ولا يوجد ما يدعوه للاستقالة مثلا، ولا يوجد من هو أعلى منه في اتخاذ القرارات5.

أما عند التطرق لتعريف الحركة فلسطينيا، هي تنظيم له بنية واضحة وقيادة، وإن كانت فضفاضة ومرنة تتسع لكثيرين، تاريخيا الحركة أوسع من الحزب خاصة في الحالة الفلسطينية6.

الشباب الفلسطيني تاريخيا

اتخذ الشباب دورا واضحا في الحالة الفلسطينية منذ بدايات المشروع الصهيوني، فبعد سقوط الحكم العثماني وتحول فلسطين لوحدة إدارية تحت الحكم البريطاني، كان هناك فراغا يحتاج لملئه، فظهرت أمثلة عديدة منها الحاج أمين الحسيني الذي أصبح مفتي القدس وهو في الخامسة والعشرين من عمره7، وسنة 1928 كان الحسيني رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى بجانب كونه مفتي القدس في سن ال 33 عاما8، شهدت أيضا الفترات اللاحقة في الثلاثينات والأربعينات نشوء الكثير من الروابط الطلابية مثل اتحاد الطلبة في رام الله (1929)، رابطة الطلبة العرب في يافا (1938)، وغيرها العديد من الروابط في المدن المختلفة.

جدير بالذكر أن النشاط الشبابي في بدايات تاريخ فلسطين الحديث كان دائما في إطار أوسع وكان يشرف عليه من قادة العمل الوطني، فلم يكن هناك نشاط شبابي مستقل، ويعزى بروز النشاط الشبابي كما حدث في الثلاثينات ضمن حالة من التعويض للفراغ السياسي، وبالتالي اتخذ الشباب دور تعويض غياب الأطر السياسية الموجودة أصلا.

في السنوات التي أعقبت النكبة كان لدور العمل الشبابي يطمح ليؤسس حركة سياسية فلسطينية تكون منفصلة بعملها عن التنظيمات الأخرى، بمعنى أن الحركات الشبابية كانت تتحرك باعتبارها بداية حركة سياسية جديدة، الأمر الذي تشكل فيما بعد نشوء الجامعات الفلسطينية التي أصبحت ساحة لتنظيم الكتل الطلابية الخاصة بكل فصيل والتي امتدت لتخرج من إطار الفصائل وتبرز في الانتفاضة الأولى (1987) بشكل كبير.

فيما بعد تصدرت مرحلة أوسلو كونها فقيرة شبابيا، فتم خلالها تنحية الشباب وحتى الدور الشعبي والشبابي تم تنحيته لصالح مؤسسات السلط الفلسطينية والأجهزة الأمنية الرسمية، جاءت فيما بعد انتفاضة الأقصى (2000) لينخرط الشباب ويعيد تنظيم نفسه مرة أخرى من خلال مشاركة واسعة وفاعلة تمثلت في المقاومة الشعبية التي برزت بشكل كبير وتمثلت في المسيرات والمظاهرات على نقاط التماس.

مثلت مرحلة الانقسام الفلسطيني في 2007 صدمة كبيرة خلفت آثارا ما زال الفلسطينيون يعيشونها حتى الآن، فبرز في تلك الفترة الكثير من الحراكات الشبابية التي تدعو لإنهاء الانقسام، وتنوعت الحراكات بين حراكات نسوية مثل حراك حماية الذي قادته مؤسسات نسوية دون أن يقدموا نفسهم كأعضاء في أي تنظيم سياسي9. نتج عن هذا الانقسام انقسام آخر في صفوف الشباب الفلسطيني فهناك من جعل نفسه جزءا من الصراع، وهناك من كان ضد هذا الصراع ويحاول العمل على إيقافه بشتى الطرق الممكنة من حراكات وتجمعات، وهناك الفئة التي تنحت بشكل كامل فلم تكن جزءا من شيء.

كيف يكون الإعلام الاجتماعي أداة؟

تقول طبر والعزة: “إن الضخ الإعلامي الكثيف عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في الثورات العربية، جعل الحراكات الشبابية تستند إليها في محاولة لتحريك الشارع الفلسطيني وخلق التفاف حول شعاراتها، لكن الأهم كان غياب بنية تنظيمية للأحزاب السياسية في الأراضي المحتلة، الأمر الذي جعل الحيز الافتراضي، وتحديدا فيسبوك، إحدى الأدوات التي يمكن استخدامها في إيصال الأفكار والحوار بشأنه قضية سياسية بعينها، هي في هذه الحالة قضية إنهاء الانقسام”10

يتفق الباحثان هنا حول أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وكيف أن بروزها كأداة قوية ومحركة في الثورات العربية انعكس فلسطينيا كأداة يمكن استخدامها، وبالاستناد على تقرير سنوي تصدره شركة ايبوك (iPoke) لتكنولوجيا المعلومات وهي شركة تقدم دراسات سوقية وبحثية في فلسطين للعالم الرقمي، فإن ما نسبته 29.6% من المستخدمين هم من الفئة العمرية 18-24 سنة، و34% من المستخدمين هم من الفئة العمرية 25-35 سنة، من الذكور والإناث، أي أن الفئة الشبابية في فلسطين تحتل الحيز الاكبر من التواجد على منصات التواصل الاجتماعي بنسبة تقدر 63.6% من عمر 18-35 سنة، من الذكور والإناث11.

تظهر هذه الأرقام التواجد الكبير للفلسطينيين على أدوات الإعلام الاجتماعي الحديثة والتي أصبحت هي الفضاء الذي يتسع لأفكار الشباب ومطالبهم وانتقاداتهم، وبالتالي أصبح الإعلام الاجتماعي منبرا لطرح قضايا الشباب كونهم مستخدمين له بالدرجة الأولى بشكل كبير، والسبب الآخر كونه أصبح أداة للمناصرة والحشد عند طرح قضية ما، ولا شك أنه رغم تعدد المنصات الإعلامية الاجتماعية، فهناك أيضا تعدد في طرق التعبير، فهناك من يلجأ للتدوين، التصوير، البث المباشر، المشاركة، نشر الفيديوهات، كل هذا يتم في إطار شبابي منفصل لا تحكمه أي أيديولوجية أو فكرة منظمة.

مما لا شك فيه أن الإعلام الاجتماعي أصبح أداة أساسية في تشكيل الرأي العام وصياغته، وبالتالي أصبح الإعلام الاجتماعي عامل مهم في التأثير على الرأي العام، فوسائل الإعلام الحديثة أتاحت الفرصة للإطلاع على تجارب شعبية أخرى حققت نتائج أو تعمل على حشد الرأي العام وراء مطلب ما والالتفاف حوله، وبالتالي أصبح هذا الفضاء بابا لإطلاق أو حشد العديد من الفعاليات، والتظاهرات، والاحتجاجات والحراكات الشبابية، وبالتالي استطاعت هذه الوسائل أن تصبح حلقة وصل بين الجماهير مهما كانت متباعدة جغرافيا، وتوجيهها في بعض الأحيان نحو آراء وأفكار معينة12.

يبرز التحدي الأكبر أمام الشباب عندما يكتفوا بطرح أفكارهم وقضاياهم من خلال منصات الإعلام الاجتماعي، حيث أن أي حملة أو حراك لن يحرز أي تقدم كاف ما لم يكن هناك خطوات متوازية على الأرض، فالدور الإلكتروني المتمثل من خلال أداة الإعلام الاجتماعي بمختلف أشكالها يحرز خطوات محدودة، فيبقى لزاما على مجموعات الشباب الحشد والتأييد للقضية التي يناصرونها أو يؤمنون بها، فيظهر أهمية عرض تفاصيلها حتى يلم بها الجمهور الأكبر، ويجب أن تترافق بنقطة مهمة ألا وهي طرحها للنقاش وتبادل وجهات النظر لتوسيع دائرة المناصرين والمؤيدين، بالتالي إن استطاعوا النجاح الكترونيا تصبح لديهم القدرة على لفت أنظار الجهات المستهدفة مثل الحكومة، لكن هذه الخطوات جميعها ما لم تنتقل كحركة إلى الأرض وتستمر بالعمل حتى تحقيق أهدافها وغاياتها، ستندثر أو تختفي، ومن الممكن أن يكون مصيرها الانقسام كما غيرها من الحركات التي لم تستطيع استغلال أدواتها بشكل يحقق أهدافها13.

تأثير القوى السياسية

برزت ظاهرة تأثير القوى السياسية بشكل كبير في فترة ما بعد الانتفاضة الثانية، فبعد أن كانت تشكل الكتل الطلابية في الجامعات لكل الطلبة، بدأ يظهر تأثير فتح وحماس كقوى سياسية بارزة داخل الجامعات، من خلال كتل طلابية تمثلها، فأصبحت على سبيل المثال الكتلة الطلابية لحركة فتح هي المسيطرة في جامعة الأزهر في قطاع غزة، بل إنها أصبحت مسيطرة على غالبية الأنشطة في الجامعة، تحديدا السياسية منها، وبرزت حماس من خلال كتلتها الطلابية في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة بنفس الطريقة، حتى أن بعض الجامعات في انتخاباتها الطلابية تشهد مواجهات واحتكاكات بين الطلبة، أصبحت تعكس الحالة السياسية الفلسطينية، بدل أن تكون المواجهة مع الاحتلال، وبالتالي تلك الطاقات التي يحتاجها الفلسطيني للمواجهة مع الاحتلال، أصبح هناك عبء كبير يحمله الشباب للحد من ظاهرة الاحتكاك الداخلي في الجامعات، وبدل أن تعكس هذه الصورة حالة إيجابية، أصبحت ترسخ حالة الانقسام وتزيد منه، الأمر الذي يتزايد بشكل ملحوظ بعد أحداث 2007 والاقتتال الداخلي.

فعلى سبيل اختراق القوى السياسية وتسلطها على الجامعات الفلسطينية، بدأت ظاهرة اقتحام الأجهزة الأمنية للجامعات في غزة مع سيطرة حركة حماس هناك، كحادثة اقتحام جامعة الأزهر من قبل الأجهزة التابعة  للحركة يوم 7 تموز 2007، ومصادرة مواد المختبرات برغم تأكيد الجامعة على أنها مواد تعليمية14.

فيما بعد انتشرت ظاهرة توظيف كلا الحركتين للمنتمين إليها من الشباب، وبالتالي أصبحت المؤسسات الحكومية التابعة للسلطة توظف أبنائها، وحركة حماس تطبق المثل، لذا أصبحت فئة كبيرة من الشباب المنتمي للعمل السياسي، منتمية للقوى السياسية في ذات الوقت كونها بشكل ما تعمل في المنظومة التي تعزز الانقسام، مما ترك أثرا كبير على دور الشباب الحقيقي.

كل هذه الأمور المتراكمة على مدى سنوات، جعلت من الساحة الشبابية معترك يعكس ما يحدث من انقسام بين القوى السياسية، الأمر الذي ولد انقسام شبابي آخر، التفت بعيدا عن قضاياه الأساسية، وعجز عن تكوين جسم قوي ذو رؤية منهجية تتجاوز الانقسام الداخلي على الأقل، لكن ما تم حصاده هو تحول مشروع المقاومة والتحرر لمشروع مؤجل، لم يستطع الشباب تقديم أي شيء من أجل العمل عليه باتخاذ خطوات على أرض الواقع.

الأمر الآخر أن هذه الصراعات انتقلت من الأرض إلى وسائل الإعلام الاجتماعي، وترسخت بشكل كبير، جعلت من النقاش وتبادل الآراء في الفضاء الإلكتروني أشبه بفضوى لا نهاية لها، ما شجع العديد من الشباب بالتنحي تماما عن المشهد والانكفاء على النفس، شعورا بالإحباط وعدم القدرة على إنجاز أي شيء واقعي، أو حتى الانتقال لمرحلة مختلفة، فالابتعاد عن الهدف الأساسي الكامن في التحرر، والابتعاد عن كل الطرق والبرامج التي تؤدي إليه، أصبح تعزيزا للانقسام الذي يعد السمة الأبرز في السنوات الأخيرة.

كيف أثرت الثورات العربية على الشباب الفلسطيني؟

كان لثورات 2011 وما بعدها مآلات كثيرة على الحالة الفلسطينية، فالثورة التي بدأت بتونس من خلال مواطن قام بحرق نفسه نتيجة أزمة حياتية تعكس شكل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لتكون شعلة في احتجاجات ملأت الشوارع في اليوم التالي، استمرت حتى تنحى الرئيس التونسي زين العابدين عن الحكم وترك البلاد، ولم يتوقف الأمر على تونس، فبعد وقت قليل لحقتها مصر باحتجاجات ضخمة ضمت الآلاف من المصريين استجابة لدعوات شبابية تدعو للتظاهر احتجاجا على الأوضاع العامة، وتلتها ليبيا بكل ما حدث فيها من تعقيدات، واليمن، وسوريا اللتان ما زالتا تعيشان تبعات تلك الأيام، ولأول مرة أصبح العالم ينظر عربيا ليس لدولة محتلة اسمها فلسطين، بل توجهت أنظار العالم لدول أخرى تشهد احتجاجات وصراعات، ومظاهرات ضد أنظمتها الداخلية، لعل تلك الوقائع ساهمت بشكل أساسي في تحفيز الشباب الفلسطيني وطاقاته نحو ضرورة تبني رؤى جديدة للاعتراض والاحتجاج.

قراءات في ثلاث حراكات شبابية في (الضفة الغربية، قطاع غزة، الداخل المحتل)

لا يخف على أحد تأثير الربيع العربي منذ 2011 على الشباب الفلسطيني وتحفيزه لاتخاذ موقف ما أو ردة فعل ساخطة على الواقع الفلسطيني، لكن الانقسام الفلسطيني الذي ترك آثاره حتى على الشباب كان عاملا مساعدا في عدم تطور أي رد فعل إلى حدث مستمر، هذا عدا عن عدم وجود برنامج يحمل رؤية واضحة، أو إدراك للحالة الفلسطينية ومتطلباتها، فبرز شعور المبالغة لدى الحراكات الفلسطينية لدى الفاعلين فيها بكل شيء.

فظهرت الكثير من المجموعات الشبابية بعد 2011 في محاولة لتشكيل جسم يستطيع إحداث أي تغيير في البنى الثقافية والاجتماعية على الأقل، ولا ينكر أحد أن أهمية هذه الحراكات تجلت دائما في مطلبها الأول وهو إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني.

نحاول في هذه الدراسة أن نقوم بقراءة تحليلية مبسطة لواقع 3 حراكات انطلقت من أماكن جغرافية مختلفة في فلسطين.

  1. حراك الضمان الاجتماعي في الضفة الغربية.

شهدت محافظات الضفة الغربية منتصف أكتوبر 2018 حراك مطلبي احتجاجي ضد قانون الضمان الاجتماعي، والذي كان سيطبق رسميا في نوفمبر 2018، وعلى مدار أكثر من 90 يوما كان هناك التفاف شعبي وزخم إعلامي كبير يغطي هذه الحالة الاحتجاجية على بنود قانون الضمان الاجتماعي.

عندما أعلن من خلال بيان الحكومة عن طرح قانون الضمان الاجتماعي المعدل في أكتوبر 2018، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة غليان تمثلت في انتقادات للقانون ولمن صاغه، وهنا برز حراك شعبي ضخم يتمثل في جهات مختلفة، منها من يطالب بإلغاءه، ومنها من يطالب بتعديل بنوده، والبعض الآخر يطالب بجعله اختياريا15.

ورغم سعة انتشار الحراك وكثافته، وأساليبه المتنوعة في الاحتجاج ومنها الاعتصام، والوقفات التظاهرية القصيرة والطويلة، حتى أن بعض الاعتصامات امتدت لأيام طويلة، لكن أهم سمة أظهرت قصور الحراك هي تفكك مكوناته وخروج الكثيرين عن وحدة المطالب التي تعكس وحدة الهدف.

فرغم الانسجام الذي كان واضحا بشكل جلي في البداية، إلا أنه لم يستمر، فبعد أن كان مطلب الحراك هو قانون ضمان اجتماعي عادل، تحول المطلب إلى إسقاط القانون، وهذا الانقسام في المطالب ينعكس على أهداف الحراك بشكل واضح، وبالتالي كان واضحا أن كل جهة تخرج لديها مطلب مختلف، وهو الأمر الذي استغلته الحكومة فيما بعد لعمل تسويات مع فاعلين مهمين داخل الحراك مثل النقابات والاتحادات المهنية.

لذلك مهما كانت ظاهرا أن قدرة الحراك التنظيمية على الحشد كثيفة، إلا أنها لم تظهر كمشروع ثابت وواضح بل تحول الأمر إلى جهد احتجاجي لا هوية له.

  1. حراك بدنا نعيش في قطاع غزة

ولعل الحديث عن حراك “بدنا نعيش” مبكرا فهو لم يحسم أمره بعد، كونه ما زال مستمرا حسب صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي التي بدأ منها، لكن نظرا لأنه الحراك الأحدث في قطاع غزة ويتعلق أيضا بمطالب معيشية تنعكس لاحقا على مطالب سياسية فنستطيع تشخيص تجربته ورصد المشاكل التي من شأنها أن تنعكس عليه بتفككه أو اختفاءه كما حدث مع حراكات سابقة.

في 14 مارس 2019 انطلقت شرارة التظاهرة الأولى في منطقة مخيم جباليا شمال غزة، وسط مشاركة تعتبر كبيرة نسبيا، خرجت التظاهرة بشكل سلمي رفضا للواقع المعيشي في قطاع غزة، والذي تزامن مع رفع حكومة حماس قيمة الضرائب على بعض السلع التموينية، بدأ الحراك قويا في الشارع وقبلها أيضا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ تصادف نزول المواطنين في مخيم جباليا استجابا للأصوات المنادية بالاحتجاج من خلال أدوات الإعلام الاجتماعي، نزول المواطنين في مختلف محافظات غزة إلى الميادين العامة16.

الحراك الذي انطلق في البداية رقميا تحت وسم #بدنا_نعيش ومن شباب لا يصنفوا أنفسهم منتمين لأي حزب سياسي، كان سلمي واحتجاجي يرفض الغلاء الواقع المعيشي في قطاع غزة، فحمل بعضهم أدوات المطبخ، والبعض الآخر لافتات كتب علينا بدنا نعيش، كوسيلة من وسائل الاحتجاج، ورغم أن القائمين على الحراك هم شباب لا يصنفوا أنفسهم منتمين لأي فصيل، إلا أن حكومة حماس في غزة لم توفر جهدا لا على الأرضن والذي تمثل في قمع واعتقال المتظاهرين، ولا رقميا من خلال تحريك ماكينتها الإعلامية لمواجهة الحراك في مواقع التواصل الاجتماعي التي انطلق منها.

أيضا حماس حاولت الالتفاف على المظاهرات السلمية، من خلال خروج عناصرها في مسيرات في الشوارع المجاورة، حاملين لافتات كتب عليها “عباس لا يمثلني” في خطوة اعتبرت من استغلال سياسي للتظاهرة الحقيقية17.

لعل هذا الحراك كان الأقوى منذ سنوات في غزة، حيث شهد حوله التفاف من فئة الشباب التي تعاني بشكل كبير جراء الانقسام السياسي الذي خلف أوضاع معيشية واقتصادية صعبة، تمثلت في ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة، وبالتالي كان نزول المواطنين إلى الشارع هو نزول من المتضررين أنفسهم.

أما لو انتقلنا إلى جزئية تتعلق بتذبذب الحراك وعدم ثباته حتى اللحظة، فهنا أيضا يبرز عدم وجود برنامج ورؤى واضحة يجمع عليها المواطنين في قطاع غزة، ما أخمد الحراك منذ بدءه في مارس 2019 كانت التصريحات السياسية من قبل حركة فتح التي ظهرت وكأنها وراء الحراك أو داعمة له، مما فتح بابا كبيرا للتشكيك، وتحول الأمر مرة أخرى لانقسام سياسي انعكس على الحراك.

برز أيضا هجرة العديد من الشباب الذين كانوا في مقدمة الحراك وعلى رأسه عندما بدأ، الأمر الذي أعدم فرص أن يكون هناك قيادة واضحة للحراك، فيما بعد برزت الفردية مرة أخرى رغم أن الهدف جامع وهو تحسين الأوضاع المعيشية في غزة، وبالتالي هناك محدودية واضحة في الحراك قد تحكم عليه بالفشل إن لم يتعلم النشطاء فيه، من التجارب الصغيرة التي بدأوا فيها عام 2019، وشكل الأدوات التي استخدموها وكيف جابهتهم الحكومة، اليوم في 2021 هناك صرخات حية من نشطاء فلسطينيين بنفس الوسم بدنا نعيش حاملين مطالب لا تبتعد كثيرا عن المطالب التي سبق ونادوا فيها، لكن الحراك ما زال في إطاره من خلال أدوات الإعلام الاجتماعي التي يستخدمها النشطاء لإبراز ضرورة الحراك وموائمته بالنزول إلى الشارع.

  1. حركة طالعات من الداخل المحتل

سبتمبر 2019 شهد الشارع تواجد طيف واسع من النساء الفلسطينيات في أماكن تواجدهن المختلفة التي تمثلت في (حيفا- الطيبة- الجش- عرابة- الناصرة- يافا- القدس- رام الله- غزة- بيروت وبرلين)، فالحراك الذي بدأت شرارته على خلفية جريمة قتل لإحدى الفتيات في 2018، جعل الفكرة لا تقتصر على الوقوف في وجه تعنيف المرأة في منطقة بعينها، بل تشمل جميع النساء الفلسطينيات أينما كن.

تقول الناطقة باسم الحراك: أن هذا الفهم يأتي انطلاقا من أن كل النساء الفلسطينيات هن بنات مجتمع فلسطيني، شرذمته النكبة وفرقته، مجتمع يواجه عنف المنظومة الإسرائيلية بشكل يومي، وهن جزء من هذا المجتمع، سواء في الضفة أو غزة أو الداخل الفلسطيني أو حتى في الشتات ودول اللجوء18.

وبالتالي امتاز حراك طالعات بأنه متفاعل مع قضايا تمس فئة كبيرة من المجتمع وهن النساء، وكان شعاره نساء حرة، يعني وطن حرا، وبالتالي انعكس اهتمام الحراك بالقضايا النسائية والوقوف ضد تعنيف المرأة الفلسطينية، إلى دور المستعمر الإسرائيلي في الواقع المعاش في الداخل المحتل على الأقل، تميز أيضا الحراك بأن هدفه واضح وهو الأمر المفقود في حراكات أخرى، فالحراك يهدف إلى نقل النقاش من الحيز الخاص داخل البيوت إلى الحيز العام، بالتالي كسر الشرذمة التي فرضتها منظومة المستعمر الإسرائيلي.

الأمر الذي جعل الناشطات في الحراك يتعرضن للقمع من القوات الإسرائيلية في إحدى مظاهراتهن في القدس19، لكن الأمر الملحوظ أنه رغم البداية القوية والصوت العالي، الذي تمثل بشكل واضح من خلال وسم #طالعات، وبالتالي الاستغلال الأمثل لكل منصات الإعلام الاجتماعي لخلق دائرة حشد وتأييد والتفاف حول الحركة، واستطاعت الحركة أن تسمع صوتها للشارع من خلال مظاهراتها في مدن مختلفة، لكن حتى اللحظة لم يؤتي الحراك أي ثمار أكثر من أي متابعة أو تبني وإيمان بقضايا تثير الرأي العام أو حتى مهمشة، دون رفع سقف المطالب أو الأهداف، وبالتالي رغم أن الحراك ما زال حيا بشكل بسيط جدا، إلا أنه قد يختفي في أي لحظة، وليس لديه مقومات الاستمرارية حتى، دون أي يجد حاضنة تؤمن بما يؤمن به، حتى يستطيع أن يواجه المنظومة الاجتماعية من جهة، والاحتلال الإسرائيلي في الداخل المحتل من جهة كونه الجهة التي تهمش وتساهم بشكل ما فيما يحدث للنساء الفلسطينيات.

محدودية الحراكات الشبابية

اختلفت الحراكات بعد الربيع العربي كونها في الأصل كانت تعتمد على رفض الواقع المقترن بالثورة والاحتجاج، دون أن يكون لديها برنامج واضح يوصلها لواقع مختلف، فكان توجهها العام هو النزول إلى الشوارع دون تخطيط واضح وجامع، فالميدان هو سيد الموقف، ودائما ما ارتبط التواجد بالميدان بمشكلة معينة، أو رغبة في تحقيق هدف بعينه ينعكس على فئة محددة، فطبيعة البرامج تستند على إطار جامع وتهتم بفئات المجتمع المختلفة، لكن طبيعة الحراكات الغاضبة دائما ما تعتمد على مزاج الشارع، وتتبع أسلوب إعلان برائتها من الفصائل والقوى السياسية البارزة كونها مرتبطة بشكل أساسي في الاستياء الشعبي تجاه غالية القضايا، ورغم توفر ميزة الوصول للإعلام المجتمعي الذي أضعف الحاجة للتمويل من المؤسسات أو غيرها، والتي استندت عليها العديد من التجمعات المنبثقة من الفصائل والتي تقدمها لأي مجموعة حتى تستطيع العمل والاستمرار20.

فمجانية وسائل الإعلام الاجتماعي أزاحت هذا العبء عن الحراكات الشبابية، لكن دائما ما تفشل الحراكات في الاستمرار وتحيد عن تحقيق أهدافها على المدى البعيد، ويرصد بشكل واضح انفصال الكثير من النشطاء البارزين داخل الحراك عن الحراك نفسه نتيجة خلافات، وفي بعض الأحيان هناك حراكات تختفي تماما، أو تظهر فجأة لأسباب معينة في ظل هذا الفضاء المجاني، وبالتالي عدم القدرة على الاستمرار يشكل عائق كبير أمام الشباب.

تبرز المعضلة الأخرى بكون العمل السياسي أو الميداني دائما ما ارتبط بمرحلة الشباب وبدئها من أبواب الجامعات، وهنا يكون الحديث عن فئة عمرية محددة، وبالتالي عند ربط الحراك بفئة عمرية يجعلها قاصرة على الاستمرار كون هذه الفئة لن تبقى للأبد في نفس العمر، فعند الانتقال من الجامعات أو الأماكن التي تشكل حاضنة في فترة معينة لهؤلاء النشطاء، تتغير الظروف التي ستنعكس على تقدم هذه الحراكات مما يضعفها ويفككها.

تبرز أيضا مشكلة كبيرة في تقدم الحراكات واستمرارها وهي الفردية، فرغم أن الشباب توحدهم الفئة العمرية وغالبا الطبقات الاجتماعية التي يأتون منها، وهموم مشتركة تحفزهم على أهمية إيصال صوتهم، إلا أنهم يرفضون فكرة القيادة المركزية ويأتي هذا الرفض من جهة الخوف من صراع القوى فيما بعد، استنادا للحالة السياسية الفلسطينية التي أهلكت من فرط تشظيها، وأيضا تمسك الفرد بحريته وعدم انقياده لقائد ما، هنا برزت مرة أخرى أدوات الإعلام الاجتماعي التي فتحت بابا للنقاش قبل النزول للشارع، فأصبح كل فرد سيد نفسه وقراره، وأصبح الشباب يشعرون بعدم احتياجهم لقائد أو صانع قرار.

تفتقر الحراكات لبرنامج واضح، فالشباب يريدون الخروج من الواقع دون تقديم رؤية واضحة حول آلية الخروج، وبالتالي يصبح انخراطهم في الحالة قاصر ولا يرقى لدوره الأساسي في التغيير، فتكون المطالب إما ثورية مبالغ بها، أو رومانسية تبتعد تماما عن قدرتها على التماهي مع الواقع ومحاولة تغييره.

وهنا يظهر بشكل جلي أنه رغم ميزة مجانية الإعلام الاجتماعي، إلا أن العمل العام يحتاج طاقات وتفرغ وتنظيم فعاليات وبالتالي هناك حاجة إلى تمويل، ويبرز هنا عدم وجود مؤسسة جامعة، أو حتى الرغبة في وجودها وتأسيسها لتكون حاضنة وبداية انطلاق تعمل وفق أسس تنظيمية فيها نظام عضوية لهؤلاء الناشطين، الأمر الذي يفتح باب الدعم والتمويل وهو الأمر المفقود في غالبية الحراكات والذي يكون سببا أساسيا في بعض الأحيان لتوقفها.

خاتمة

لا شك أن الإعلام الاجتماعي منذ سنوات طويلة وهو يتخذ أشكالا مختلفة، أصبح أحدثها اليوم في متناول الجميع، أيضا أصبح الإعلام الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من الحالة الفلسطينية، ولديه العديد من الميزات التي من الممكن أن تنعكس إيجابا على الحراكات الفلسطينية.

إن الحالة ضبابية وتحتاج للكثير من النقاشات حول مفهوم الحراك الشبابي بذاته، وهنا سؤال يطرح نفسه، ماذا لو كان الحراك فلسطينيا جامعا؟ ولا يقتصر الحراك على كونه شبابي، بل تجاوز هذه التصنيفات وأصبح حراك فلسطيني جامع ممتد لديه رؤية وبرامج محددة، منفتح على تقبل الآخر، وعلى تبني قضايا تستند في جوهرها على الوصول إلى التحرر، فهناك إمكانية للتعلم من النماذج المتهالكة التي لم تستطع تحقيق أي أهداف تأسست من أجلها، وبالتالي يبرز مرة أخرى الدور المهم لوسائل الإعلام الاجتماعي وهي أنها منبرا مفتوحا للنقاش، والعمل على الوعي الفلسطيني، وعملية التثقيف المستمرة التي تفتح الباب للتعلم من التجارب السابقة وحتى التجارب الحالية سريعة الوصول أحيانا، وسريعة الاختفاء أيضا.

لذلك من الممكن البدء من أخطاء السابقين وتصويب المفاهيم التي تؤول هنا وهناك إلى حالة فضفاضة، لا تصل بالفلسطيني إلى أي مكان، بل إنها تحول دون تحقيقه لأي أهداف تحررية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، فالشارع الفلسطيني الذي كان من الممكن أن يخلق حراك جامعا ينتفض برؤية واضحة معترضة على إلغاء الانتخابات الفلسطينية، بعد تعنت في ممارسة الحياة الديمقراطية لأكثر من عقد ونصف في الضفة الغربية وقطاع غزة، لم يفعل شيء.

لذا من المهم تشخيص المشكلة وتأطيرها لفهم طبيعة الأسباب التي أوصلت الشباب الفلسطيني لجمود تجاه بعض القضايا المحورية أو حتى اقتصار ردة الفعل الكترونيا دون البحث في حقيقة المعضلات التي تواجه الشارع الفلسطيني ككل وتمس كل فرد فيه بنتائج كارثية، وهنا لا أحمل الشباب ما لا يستطيع حمله، لكن يعول عليه كونه دائما ما كان شرارة التغيير، هناك ضرورة ملحة لفهم أهمية الإجماع الفلسطيني والتوحد حول المطالب المجتمعية والتحررية التي تمس كل فلسطيني بمختلف أماكن تواجده.

الهوامش:

  1. الإعلام المجتمعي، شبكة المعرفة الانتخابية، https://bit.ly/3HMkPJt

2. الفرق بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية، https://bit.ly/3xhU6iY

3. الأمم المتحدة، https://bit.ly/30VyIUt

4. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، https://bit.ly/3l1egsQ

5. أحمد جميل عزم، الشباب الفلسطيني من الحركة إلى الحراك، مركز مسارات، 2019، ص21

6. المصدر نفسه، ص22

7. المصدر نفسه، ص31

8. المصدر نفسه، ص32

9. المصدر نفسه، ص66

10. لندا طبر وعلاء العزة، المقاومة الشعبية بعد الانتفاضة الثانية، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 97، شتاء 2014، ص125

11. تقرير iPoke في إصداره الخامس لسنة 2020، ص20

12.  دور الإعلام الاجتماعي في تكوين الرأي العام الفلسطيني، د.محمود الفروخ، وكالة سما الإخبارية، https://bit.ly/3cZfmAZ

13. الإعلام المجتمعي والتدوين بهدف التوعية والمناصرة في حقوق الإنسان، التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان، https://bit.ly/30UItCM

14.  أحمد جميل عزم، الشباب الفلسطيني من الحركة إلى الحراك، مصدر سبق ذكره، ص67

15. الضمان الاجتماعي، أسئلة تبحث عن إجابات، محمد عبد الله، https://bit.ly/32tYQH4

16. هكذا خرج حراك بدنا نعيش في غزة، ولماذا واجهته أجهزة حماس بالعنف؟، عز الدين أبو عيشة، موقع independent عربية، https://bit.ly/3cJNS1Y

17. المصدر نفسه

18. طالعات، حراك نسوي فلسطيني يعيد تعريف التحرر الوطني، موقع نون بوست، مقابلة مع الناشطة شذى الشيخ يوسف، https://bit.ly/3xhnwOh

19. المصدر نفسه

20. رؤية نقدية استشرافية: الحراكات الشبابية الفلسطينية، إشراف وتقديم: جميل هلال، مسارات، أكتوبر 2013، ص39

الاخبار العاجلة
مركز الأرض للأبحاث والدراسات والسياسات يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق