أطلقت مؤسسة “الدراسات الفلسطينية” مساء يوم الاثنين الماضي في مركز القطان الثقافي بمدينة غزة كتاب “غزّاوي .. سردية الشقاء والأمل”، للكاتب الفلسطيني جمال زقوت. والذي قدّمه عبد الكريم عاشور، بحضور جمع كبير من الأدباء، والكتاب، والمثقفين، والشباب.
يتناول الكتاب مذكرات الكاتب زقوت، ومسيرته كلاجئ ومناضل من جيل النكبة في مخيم الشاطئ بمدينة غزة ورحلة الإبعاد في الشتات، ونظرته لتحولات المجتمع الغزّاوي في مراحل مفصلية أبرزها: الحياة اليومية في مخيم الشاطئ في الخمسينيات بعد النزوح؛ الحكم العسكري المصري في غزة في الحقبة الناصرية؛ بداية الاحتلال الإسرائيلي ويوميات المقاومة التي تُكشف بعض تفاصيلها لأول مرة؛ الانتفاضة الكبرى سنة 1987 ميلادي.
افتتح الحفل الناشط السياسي والاجتماعي عبد الكريم عاشور، موضحاً بأن الكتاب يتناول المسيرة الحافلة لحياة لاجئ ومناضل من جيل ما بعد النكبة في مخيمات غزة والشتات. يجمع خلاله بين التجربة الشخصية الحميمة والمشهد العام، في إضاءة على تحولات المجتمع الغزّاوي في مراحل مفصلية أبرزها: الحياة اليومية في مخيم الشاطئ في الخمسينيات بعد النزوح؛ الحكم العسكري المصري في غزة في الحقبة الناصرية؛ بداية الاحتلال الإسرائيلي ويوميات المقاومة التي تُكشف بعض تفاصيلها لأول مرة؛ الانتفاضة الكبرى سنة 1987.
يجمع الكتاب بين تجربة الكاتب الشخصية والمشهد العام، وحياته الدرامية في المخيم، وأثناء الدراسة والنضال في القاهرة وبلغاريا، ثم عودته إلى فلسطين ودوره في مرحلة إنشاء السلطة الفلسطينية.
وخلال نقاش حفل اشهار الكتاب، والذي حرص زقوت أن يبدأ من غزة، أشاد لفيف من الحضور بأهمية توثيق التاريخ المعاصر للفلسطينيين ونضالهم وجمع الرواية الفلسطينية من ذاكرة حامليها إلى صفحات الكتب لتوثيقها ونقلها للأجيال التالية.
الكاتب جمال زقوت في مداخلته الأولى أحد بأن الكتاب جاء ليؤكد على “إن الشعب الفلسطيني ليس لديه خيار الانكسار أو الهزيمة والتخلي عن حقه في تقرير المصير، فمثلما تمكن الشعب الفلسطيني عبر آلاف قصص البطولة والتضحية ، فإن هؤلاء الفلسطينيون قادرون على إعادة إنتاج المستحيل ليجددوا دورهم ويعودوا كطائر الفنيق مرة أخرى”.
وأشار إلى أن الكتاب هو محاولة لتوثيق تجربة الحركة الوطنية في قطاع غزة، ومساهمة أولية لإجراء مراجعة لمحطات الكفاح الوطني الفلسطيني في القطاع والضفة الغربية، وكذلك على صعيد الساحات الخارجية، تحديدا تجربة لبنان، والساحات الطلابية أيضا، وما حققته الانتفاضة من تأثير في الوعي الدولي نحو بدء الاعتراف بحق الفلسطينيين في الحياة بتقرير المصير والحرية.
وفي إطار آخر، عقب أ. عبد الله تايه الأمين العام المساعد للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين حول الكتاب مشيداً باللغة والمحتوى الذي قدمه الكاتب معتبراً أن جنسانية النص تذوب أمام أهميته بجمع الرواية الفلسطينية.
وفي مداخلة أخرى ذكر أ. فريح أبو مدين الكاتب ووزير العدل الفلسطيني السابق أن ما قدمه الكاتب جمال زقوت في هذا الكتاب يلخص حقبة زمنية ومن وجهة نظره هي الأهم، والتي خاضها الفلسطينيون في نضالهم نحو التحرر مثمناً الجهد الذي بذله لإصدار هذا الكتاب، ومؤكداً أن هنالك الكثير من الحقائق التي تغيب مع غياب روادها.
أما أ. عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد استعرض الفرق ما بين السردية والمذكرات والسيرة الذاتية مؤكداً على ضرورة فهم التباين بينها ومشدداً على أهمية ما قدمه الكاتب من جهد مهم في ظل غياب التوثيق والأرشفة لحياتنا كفلسطينيين.
أما الكاتب والروائي يسري الغول، فأشار لمتانة اللغة ورصانتها التي يملكها الكاتب، معتبراً أن هذا الكتاب ربما يكون الأهم الذي صدر في العقد الأخير لتوثيق التجربة النضالية التي جمعت بسلاسة وذكاء بين الخاص الحميمي والعام الكفاحي، معتبراً أن الكتاب جاء كسردية ليس فقط لجمال، بل ولشريكته المناضلة نائلة عايش.
من جانبه تحدث محسن أبو رمضان مدير مؤسسة حيدر عبد الشافي الثقافية، مركزاً على أهمية توثيق مثل هذه السردية والتي توثق لواحدة من أهم مراحل الكفاح الوطني وهي الانتفاضة الكبرى ودروسها العظيمة سيما الوحدة والطابع الديمقراطي العميق للمشاركة الشعبية.
وفي ختام اللقاء عقب الكاتب بأن ما دفعه لكتابة هذا الكتاب وانتصاره للتجربة الفلسطينية وإن كانت تجربة شخصية له، ولكنها بالتأكيد هي انعكاس لكل فلسطيني عاش تلك الحقبة مؤكداً بأنه لم يكن الوحيد الذي عاش وعاصر تلك الفترة المجبولة بالمعاناة والرغبة والإصرار على الحياة ومقاومة الاحتلال، مشيراً إلى اللقاءات العديدة التي جمعته بالراحل الدكتور حيدر عبد الشافي أحد مؤسسي القيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الأولى وأثرها في بناء توجهاته ومواقفه الوطنية، إضافة إلى استشهاد شقيقه الأكبر بشير زقوت، والتي شكلت ما هو عليه الآن.
واختتم زقوت بالقول بأن المحطات التي انتصر بها الفلسطينيون، هي التي تعزز فيها التضامن الاجتماعي بين الناس كما كان في مرحلة ما بعد النكبة واللجوء، أو حالة الوحدة الوطنية التي سادت الحالة الفلسطينية تحديدا أثناء المقاومة المسلحة بداية السبعينات، ثم الانتفاضة الأولى، مشيرا إلى أن هذه رسالته من خلال كتاب ” غزّاوي…سردية الشقاء والأمل “.
تجدر الإشارة إلى أن المؤلف جمال عوض زقوت هو سياسي وناشط فلسطيني من مواليد مخيم الشاطئ في غزة، تربى في كنف أسرة لجأت من بلدة اسدود جراء نكبة 1948. اعتُقل عدة مرات، وأبعدته سلطات الاحتلال، سنة 1988، إلى خارج فلسطين بتهمة المشاركة في تأسيس القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة الأولى. كما اعتُقلت زوجته، نائلة عايش، أكثر من مرة، وكذلك طفلهما الذي أمضى مع أمه ستة أشهر في المعتقل. عاد إلى القطاع سنة 1994، وشغل عدداً من المواقع السياسية.