المنتديات

الرئيسية المنتديات

    • المنتدى
    • الموضوعات
    • المشاركات
    • المشاركة الأخيرة
    • مستقبل القضية الوطنية في ظل تصاعد الفاشية في اسرائيل

      المقدمة: أثارت مشاركة حزب التجمع الوطني الديمقراطي ممثلة بالقيادي سامي أبو شحادة في مؤتمر "حزب كل مواطنيها " وعماده الرئيس حزب ميرتس، جدلاً واسعاً داخل التجمع ولدى مجمل أطراف الحركة الوطنية في الداخل. الأمر الذي يستحق فتح وإدارة نقاش جدي وموضوعي وهادئ ازاء دلالات هذا الأمر وهل يأتي في سياق تلمس ملامح المرحلة القادمة من حيث ضرورات البحث عن أدوات كفاحية جديدة قادرة على مواجهة التحديات القادمة إزاء تصاعد الفاشية في النظام السياسي والمجتمع الاسرائيلي، وانعكاس ذلك على مستقبل قضية المساواة والمواطنة في اسرائيل ومستقبل القضية الوطنية الشعب الفلسطيني أم أنها مجرد اجتهاد شخصي وانطوت تأثيراته. هنا ثلاث مساهمات لثلاث شخصيات سياسية واكاديمية أمير مخول، رائف زريق، ورد هنيدة غانم على رائف. نعيد نشرها على موقع أرض، ويحذونا الأمل بأن يكون ذلك بداية لفتح حوار وطني فلسطيني شامل ازاء التحديات الكبرى التي تواجه شعبنا وقضيته المقال الأول حول المشاركة العربية في مؤتمر " حزب كل مواطنيها"        بقلم: أمير مخول -حيفا   "حزب كل مواطنيها" هو حزب ميرتس بحلة جديدة أو باصطفاف جديد في مركزه ميرتس، ولا بأس في ذلك وبالخروج من صدمة الاخفاق في الانتخابات والسعي لتحريك اوساط من المجتمع الاسرائيلي لمواجهة خطر الحكومة الصهيودينية ونزعنها الفاشية. في المقابل، لا اعتقد أنّ "دولة المواطنين" بحد ذاتها هي المشروع الوطني الفلسطيني او تؤدي له، بل أن" حزب كل مواطنيها" فيه تأكيد بتعدد الصيغ وحتى المتاهات في الدولة المنشودة التي لا تحظى بتعريف واضح لعلاقتها بمشروع التحرر الوطني الفلسطيني ولا باستحقاقات الفكرة والتطبيق وما تتطلبه من مُقابل فلسطيني تجاهها. المشروع الوطني الفلسطيني يبدأ من حقوق شعبنا في العودة والتحرر الوطني وتقرير المصير.  نناضل من اجل حقوقنا المنبثقة من حوق شعبنا في البقاء والصمود والتطور ومن اجل حقوقنا المدنية كمواطنين، لكن ليس من مهامنا توفير المخارج لإسرائيل في مأزقها الوجودي. دولة المواطنين وحزب كل مواطنيها لا يضمنا مثلا حق العودة لا للاجئين ولا للمهجرين داخل الوطن، وهناك تعارض ايضا، واستذكر هنا موقف حركة "القوس الشرقي الديمقراطي" في العام 1998 حين طالبت بأن تكون "اراضي الدولة" لكل مواطنيها، وإذ حظى بتأييد وتقبّل في اوساط سياسية وقيادية، لكننا في اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) قمنا بحملة مضادة في حينه باعتبار أن الشراكة لا تستوي هنا، فما يسمى اراضي الدولة هي املاك الفلسطينيين اللاجئين والمهجّرين الفردية والعامة، ولا نتقاسمها مع الاسرائيليين حتى ولو انهم يسيطرون عليها. باستثناء شرائح اسرائيلية تتمثل أساساً أنصار ميرتس، فإن مصدر قلق التيار المركزي من المعارضة لنتنياهو وحكومته الصهيودينية، هو حرص هذا التيار على حماية المنظومة الاسرائيلية من هيمنة الارهاب السياسي الشريك في الحكم، وليس موقف الحكومة من قضية فلسطين والاحتلال والعنصرية والمشروع الاستعماري. بينما، ما يشغل جماهير شعبنا في الداخل كما كل شعبنا هو حماية أنفسنا وحماية قضيتنا الى ان تجد حلا عادلا. الأمر الرئيسي الذي يبعث على التفاؤل مقابل هول المخاطر المحيطة بنا، هو عدم قدرة اسرائيل مهما كان حكامها على تجاوز قضية فلسطين او شعب فلسطين، كل ما عدا ذلك هو مبعث قلق كبير، وسيكون الثمن الفلسطيني غاليا في كل الاحوال، وسيكون أغلى، إذا لم نتصدّى للتغيير الجوهري الحاصل. باعتقادي ان التصدي ينبغي ان يكون بمسارين واحد جماهيري عربي فلسطيني وواحد اسرائيلي في مواجهة الفاشية الحاكمة ولا مشكلة في وجود تقاطعات في المسارين تضع حدا لهذه الفاشية. هشاشة الحالة الفلسطينية عامةً وفي الداخل على وجه الخصوص، هي أكبر خطر نواجهه، ودون تقوية تنظيمنا الذاتي في الداخل سنكون قاصرين وقاصرات عن القيام بدورنا تجاه أنفسنا كشعب وتجاه أنفسنا كجماهير شعب. لا تستطيع الحركة السياسية بكل احزابها وحركاتها تبرير غياب جهوزيتها الكفاحية، وتغييب الوحدة الكفاحية الميدانية. إن ترك الساحة بات اٌقرب الى التقاعس.  المقال الثاني  عن العدالة والقوة والممارسة السياسية:  رائف زريق   نحن الفلسطينيون أصحاب قضية عادله ومعقده، لكن رغم تعقيدها فهي عادلة وميزان العدالة يميل بوضوح لصالحنا. لكن كما ان ميزان العدالة يميل بوضوح لصالحنا فان ميزان القوة يميل لصالح اسرائيل بشكل صارخ جدا. والحال كهذه فان كل حل عادل غير ممكن في ظل ظروف علاقات القوة، وكل حل ممكن حاليا فهو غير عادل حاليا. هذه معضلة حقيقية تواجه كل سياسي فلسطيني لان العدالة ما هي الا فكره في الذهن لكن موازين القوى هي امر واقع في الحقيقة. ورجل السياسة لا يكتفي، ولا يجب ان يكتفي بالفكرة، لان من واجبه تحقيق انجازات ماديه لشعبه -وهذه معضله. نظرا لذلك ففي ترسانة كل سياسي فلسطيني سلتين جاهزتين من الادعاءات والحجج والافكار. سله يعول فيها على العدالة وسله يعول فيها على موازين القوى. هناك ما يكفي من العدالة كي يستطيع القائد ان يبرر كل اصناف العنف والمقاومة والمقاطعة ضد اسرائيل وجرائمها مستمدا مفرداته وادعاءاته من سله العدالة. لكنه في نفس الوقت سيجد في سله علاقات القوة ما يبرر اي حل وسط، اي تنازل، اي تعامل او تعاطي او تهادن مع اسرائيل باسم التعاطي مع الواقع ونوع من الواقعية السياسية. علما بوجود سلتين يستطيع القائد السياسي او الحزب اي يراوح بين الاثنتين كيفما شاء ومتى شاء. وعندما ينتقد خصومه يستطيع الإشارة لسلة العدالة وان يتهمهم بأنهم خانوا عدالة قضيتهم، وعندما يقوم هو بنفس الفعل او اسوء منه فانه يشير الى ضرورات الواقع وموازين القوى. لكن الى اين ذهبت موازين القوى عندما ادان غيره والى اين اختفت سله العدالة عندما برر لنفسه ما يبدو مهادنه؟ هذه وضعيه تدعو للانتهازية (مثال فقط، خطاب البعض في السلطة الفلسطينية التي تنسق يوميا امنيا مع اسرائيل وتدين مثلا ترجمه كتاب للغة العبرية لكاتب عربي باعتباره تطبيعا). والانتهازية في هذه الحالة تعني توظيف -ليس في نفس اللحظة-سلة القوة وسلة العدالة واستعمالهما بشكل انتقائي: اليوم عدالة وغدا موازين قوى. بدل ان تكون هذه الاعتبارات موجهة وضابطة للسلوك السياسي تصبح هذه الترسانة تشكل بعضا من عدة فكرية لتبرير التذبذب في المواقف. قد يكون الموقف مدفوعا بمصلحة ما لكن يجري تبريره فكريا ومعنويا، وبدل ان يكون للمبادئ دورا في ضبط المواقف، تصبح خادمة لها وتعمل لديها كي تبررها. الإمكانية البديلة وهي الاصعب، تقتضي الجمع بين الاثنتين في نفس اللحظة وفي نفس الشخص، اي عليه ان يجيب في نفس اللحظة على سؤال القوة وسؤال العدالة، وان يقدم مزيجا او محصلة تجمع ما يبدو له المنسوب الملائم لاعتبارات القوة واعتبارات العدالة. تحديد طبيعة هذا المنسوب وهذه المحصلة العينية وهذا الفهم لطبيعة التوازنات والالتزام بنقطه التوازن العينية في هذه اللحظة هي ما يمكن ان نسميه موقف. كل ما عدا ذلك هو كلام انشائي وتعبيري لكنه ليس موقفا بالمعنى السياسي، انما مقدمات نظرية في طريقها لتكون موقفا. يعتقد البعض ان الموقف المبدئي هو الموقف الذي يرتكز على مبدأ واحد وهذا خطأ باعتقادي، لأن هناك عدة مبادئ توجهنا وكلها هامة وشرعية لكنها كثيرا ما تتعارض فيما بينها، والموقف الحقيقي في النهاية هو ايجاد المحصلة العينية التي تجمع بين جميع المبادئ. فقط عندها نعرف اين يقف هذا الشخص او الحزب. كل ما يقال قبل ذلك هو اعتبارات وافكار، ولكن ليس مواقف. من هنا اهمية الممارسة السياسية، التي تنزل الكلام المجرد الذي يحتمل ما لا ينتهي من التأويل الى موقع محدد عيني ومشخص. والممارسة تعني التراكم. وتعني الذاكرة السياسية واحترام ذاكره الناس واعتبارهم شركاء في التفكير. اكتب كل هذا على إثر بوست قراته الامس للزميلة والصديقة الدكتورة هنيدة غانم تجد فيه المبررات السياسية لمشاركة النائب سامي ابو شحادة في تأسيس حزب " كل مواطنيها" بمشاركه اعضاء من حزب ميرتس والعمل سابقا وشخصيات مثل فيصل عزايزة وابراهام بورغ. تبرر هنيدة الامر باننا نعيش على فوهه بركان ولا مجال للمزاودات وحديث رواد المقاهي الذين لا يدفعون ثمن مواقفهم وانه لا وقت للخطاب ذات السقف العالي. ( ممكن! يستحق التفكير) القضية في هذا السياق لا تكمن في قدره الزميلة هنيدة في ايجاد مبررات منطقيه سياسيا واخلاقيا، انما في قدره سامي ورفاقه في التجمع على ايجاد مبررات على إثر المعركة الانتخابية حاميه الوطيس والتي دارت رحاها حول موضوع تحول الى جوهر المعركة الانتخابية: في توصية ام لا. وكأن التوصية او عدمها هو مشروع سياسي بحد ذاته. ان حزبا قاد معركة انتخابية جوهرها عدم التوصية لرئاسة الحكومة (لأنه صهيوني، وليس لأنه مجرم) لا يستطيع بحركة بهلوانية واحده ان يقفز الى المشاركة في اقامه حزب مع هذه الشخوص التي كانت موضع ادانه حتى الامس والتي لا اقلل شخصيا من احترامها او مصداقية الكثيرين منهم. سامي ومعه هنيدة قادرون ان يمدوا يدهم لسلة القوة ليغرفوا منها الادعاءات وان يخبرونا ان علاقات القوة لا تحتمل اللعب بالنار ويجب ايجاد اوسع تحالف ممكن. قد نختلف وقد نتفق. لكن من غير الممكن الخوض في هذا النقاش وكأنه لا يوجد تاريخ لهذا الحزب. هذا يعني اننا نستعمل السلة التي نريد متى نشاء (للتوضيح الكلام ليس موجها لهنيدة شخصيا والتي لا اشك في صدق نواياها مطلقا) اي انه حتى وان كان الادعاء بحد ذاته صحيحا لكن يحق للناس ان تعتقد ان توظيفه في هذه اللحظة هو توظيف قد يكون لاعتبارات حزبية فئوية وليس مبدأيه، لأول وهلة على الاقل. لو كان الاعتبار مبدأي لماذا لم يحضر هذا الاعتبار في الامس واول أمس؟ وهل فجاه اتضح اننا على فوهه بركان وفي خضم نظام فاشي يتطلب اوسع التحالفات؟ اليس الهدف من التوصية على لبيد -حسب موقف الجبهة-منع هذا البركان؟ وهل يشمل التغيير في الموقف من اليسار الاسرائيلي تغيير في الموقف من الجبهة مثلا؟ إذا اراد التجمع ان يغير من خطه فلا باس إذا كان يعتقد ان الظروف تغيرت لكن لنقدم للجمهور كشف حساب في الموضوع ان بعض الحقيقة كما اراها يكمن في نوع من العداء المتأصل لدى اوساط في التجمع للجبهة (وليس الجميع طبعا) وشغف شديد في حشد القوة الرمزية الوطنية والمعنوية. هذا عداء طويل ليس الان الوقت لسرده وسرد تاريخه المدمر على الساحة السياسية والذي اعاق الارتقاء بمستوى العمل السياسي الى مرحله جديده أنضج واعلى. لقد كان هذا العداء الذي بدا رسميا عام ١٩٩٩ هو الشق الذي دخل منه الدكتور احمد طيبي الى عالم السياسة بعد ان تحالف مع التجمع او بعد ان تحالف معه التجمع. فاوض التجمع الجبهة وكأنه اسد ليفشل المفاوضات باعتقادي، وفاوض الطيبي من نقطه ضعف ورضخ لكل شروطه. ومنذ ذلك الحين والحكاية تكرر نفسها بأشكال مختلفة وتسمح لقوى جديده (احيانا انتهازية) للتسلل من هذا الشق (وان كنت لا أعفي الجبهة تماما وخاصه الانتخابات الأخيرة التي يبدو لي قامت بفعلتها في الذهاب الكنسيت لوحدها في لحظه غضب او انتقام لا اعرف تفاصيله). التجمع بما انه يريد التميز عن الجبهة يرفع نبرته وخطابه الى مستويات غير قادر عليها ولا يلتزم فيها اصلا لكنها ضرورية كي يحافظ على تمييزه المعنوي، لكنه كان يجد نفسه بحاجه الى حلفاء لإنقاذه فكان يجد في كل مره خشبه نجاه او لمده بأسباب القوة، وعندما يسال عن ذلك كان يبرر ذلك بعلاقات القوة والواقعية السياسية. لكن هل الواقعية السياسية تحضر وتغيب كما يشاء ...؟ الحلفاء المؤقتين الضروريين لكسب القوة كانوا احيانا محليين (د. احمد طيبي، صحيفة الصنارة، التلفزيون والراديو الاسرائيلي، الحركة الإسلامية وعباس زكور وغيرهم) وأحيانا قوى اقليميه (حافظ وبشار الاسد، حزب الله، الحريري، مصر عمرو موسى). التجمع تعامل مع نفسه باعتباره استثناء يحق لنفسه ما لا يحق لغيره لان انقاذ الحركة الوطنية في اعتقاده يبرر كل شيء. لكن إذا كان التبرير صالحا للتجمع فانه سيكون صالحا لغيره ايضا. الممارسة كانت تجهض المبادئ، وما يعلق في قلب الجمهور هو الممارسة وليس الكلام السياسي.  لان الممارسة السياسية ليست مجرد اداه انما هي جوهر السياسة. الفرق بين الخطاب والممارسة كان في احيان كثيره كبيرا ولردم الفجوة كان يجري رفع الخطاب مره اخرى بنوع "داوني بالتي كانت هي الداء" او الاستعانة بصديق ليس صديقا تماما انما اشبه بعدو. من الصعب بناء حركة وطنية عريضة مع هذه الاهتزازات ومعاداه الجبهة في نفس الوقت، وإذا اراد التجمع ان يتميز-ولديه ما يميزه بدون شك-فليكن ذلك في الاداء اولا. الاداء أحسن طريقه لإيصال الخطاب! التجمع له تراث ايجابي في الكثير من المفردات السياسية التي ادخلها ورفع منسوب الكرامة القومية في كثير من المجالات وربط فكريا نضالنا مع نضالات اقليات وشعوب اخرى، وركز على شموليه قضيه فلسطين، لكن اضافه لذلك ترك لنا تراثا سيئا  من الممارسة السياسية التي لا تمتاز بالمثابرة في اية قضية مركزية هامة، ومن يرغب في التفاصيل فلدي امثله لا حصر لها لدرجه التفاصيل المملة: بدءا من الموقف من اوسلو، الى الموقف من سوريا الاسد دولة الصمود والتصدي، الى جمال عبد الناصر ، حزب الله ، الليبرالية والحريات في العالم العربي، التطبيع، السلطة الفلسطينية، والقائمة تطول. رجل (وامرأة) السياسة لا يعمل في فراغ. هو اشبه بالقاضي منه الى الفيلسوف. عندما يسأل الفيلسوف عن رايه في مسالة أخلاقية فانه يقدم رايه كأنه يبدا من الصفر بدون ثقل التاريخ والممارسة السابقة لأنها لا تلزمه واعتباراته أخلاقية طازجة صرفه. اما القاضي لا يقضي بما يراه مناسبا اخلاقيا ومن ناحية العدل في تلك اللحظة، انما عليه ان يأخذ قراراته السابقة في عين الاعتبار، لأنه يجب ان يكون مثابرا ومنسجما مع نفسه وقراراته السابقة، لان كل قرار يعطيه هو بمثابة وعد للشعب ولجمهور المواطنين ويجب ان يكون منسجما ومتناغما مع نفسه وقراراته، ذلك يعني اولا انه يأخذ نفسه بجديه وانه ملتزم بوعوده. الممارسة السياسية تعني اخذ المواقف السابقة بعين الاعتبار، لأنه بدون ذلك، فان اي موقف قابل للتبرير من مديح الاسد الى ذمه ومن مديح عيد الناصر الى اعتباره عميل سي اي ايه، ومن ذم البعض بداية الى مديحهم، والأمثلة تطول. بعض الذاكرة السياسية ضروري للعمل السياسي كي نستطيع المراكمة وزرع الثقة بالسياسة باعتبارها فعل نبيل عندما تلتزم بالحد الادنى بالمثابرة وبعض التوجهات المبدئية دون الحاجة للوعظ الاخلاقي، لأني اعرف ان بعض المناورة ضروري في السياسة ولا بد منها. للتجمع ما يقوله ولديه شبيبة وطنية شامخة وواعدة ووجوده على الساحة ضروري، وخطابه مهم، خاصه في ظل تكلس الحزب والجبهة وعدم قدرتها انتاج فكر يحلل الواقع الجديد. لكن بعض المراجعات ضرورية جدا في هذه المرحلة . .  والا ستكون عوده على نفس التخبطات والقفزات الفجائية. كلي امل ان ينجح التجمع ان يجد طريقه ليكون شريكا في العمل السياسي في مرحله بالغه التعقيد والخطورة وان يعود معافى سليما!   3- رد هنيده غانم عزيزي رائف زريق: كيف نناور ببين العدل والقوة، بين قضية مثقلة بعدلها حتى أصبحت من شدة صدقها عصية على الحمل، وبين مشروع احلالي عنصري مع فائض قوة اوصلته لمرحلة من السكر السياسي قاربت غياب الوعي؟ هذا السؤال يشغلك ويشغلني ويشغل كثير منا، كنت اتمنى ان اتبنى موقف بسيط ان اقول سينتصر العدل حتما، وأن الظلم مهما طال لا يدوم. لكن هذا كلام يطيب الخواطر والتاريخ سلسلة طويلة من انتصارات انظمة ظالمة ومن سحق شعوب وجماعات بعضها لم تعد تذكر حتى كملاحظة هامشية في كتب التاريخ. لكن قبل ذلك مهم أن أوضح: تناولت مسألة المشاركة لسامي ابو شحادة في الاعلان عن حزب كل مواطنيها، من حيث المبدأ. القضية العينية شكلت بالنسبة لي مجرد سبب للتحريض على التفكير من اجل وتناول مسألة تبدو لي الآن غارقة تحت طبقات من الممنوع بسب ما تستثيره من تابوهات توضع جزافا تحت بندي التعاون والتطبيع. في هذا الواقع، حقا لا يشغلني سامي الشخص، كان من الممكن أن يكون في مكانه أيمن عودة أو عايدة توما أو غيرهما... هنا وجب التوضيح ان هناك فرق /فجوة بين ما أكتب وما تكتب. أنا أناقش المبدأ في المشاركة، انت تناقش الحالة الخاصة للتجمع، في حالة التجمع، لا أظن بيننا خلاف، وجهة نظرك أن التجمع دخل الانتخابات محمل بترسانة خطاب قومي وانتقد مشاركة الجبهة بمؤتمرات اعتبرها تطبيعية كالمشاركة بمؤتمر الجي ستريت، ثم لم يجد مشكلة في مشاركة سامي بمؤتمر إعلان حزب كل مواطنيها، هذا الموقف يحتاج بالطبع توضيح؛ لأن التغاير بين الخطاب قبل الانتخابات وسقفه العالي والممارسة بعده يحتاج فعلا إلى ذلك-أو كما كتب الصديق مراد حداد، إلى اعتذار من التجمع على نقده الجبهة ثم ممارسة النهج ذاته. بعد هذا التوضيح أنتقل إلى السؤال المهم الذي يعنيني نقل النقاش نحوه: هل علينا نحن فلسطينيي الداخل أن ننخرط في النقاشات التي يقيمها يهود حول "الصراع"؟ ما هي حدود المشاركة؟ مع من ننخرط في نقاش؟  هذه أسئلة محورية تشغلني. لماذا؟ لأن اللحظة الحالية برأيي حاسمة، فيها مخاطر كبيرة جدا وفيها بنفس الوقت فرصة. إسرائيل حاليا تعيش حالة غير مسبوقة. أنا شخصيا أعتقد أن ما يجري هو انقلاب لا أقل، وهو ما يفسر كتابتي أننا على فوهة البركان وأن هذا البركان ممكن أن ينفجر بأية لحظة. الانقلاب المقصود داخلي مرتبط بإعادة صياغة قوانين تتيح عمليا عمل أي شيء دون رادع، البارحة تم تمرير ثلاث قوانين بقراءة اولى: قانون درعي (لا يهمني) قانون بن غفير الذي يوسع صلاحيات وزير الامن القومي بحيث يتم اخضاع قائد الشرطة لسلطته، قانون سموتريتش الذي يسمح بان يكون سموتريتش فعليا وزير الامن في الضفة والمسؤول عن الادارة المدنية، ضف الى ذلك وفي حال تم سن قانون التغلب فسيكون هذا بمثابة ضوء اخضر لان تعربد الحكومة كما تريد بدون ان تخاف من ان تقوم المحكمة العليا برفض اي قانون تسنه. ما الذي يمكن أن يحدث؟ السيناريوهات مختلفة، لكن من يتابع خطاب وبرامج وفكر الأحزاب المشاركة بالائتلاف يمكن بسهولة أن يشم رائحة انفجار قادم. على خلاف الحكومات الإسرائيلية السابقة التي كانت تعمل على إدارة الصراع، نحن أمام جماعة تريد حسم الصراع وتطلع للمواجهة وترى بها شيء جيد وإيجابي، التأزيم من ناحيتها له دور في تقريب تحقيق رؤاها المسيانية. السيناريوهات القيامية ليست شيئا تريد الصهيونية الدينية والكهانية اجتنابه، بل جزء من الصيرورة الضرورية التي تراها تحقق التاريخ الذي ينتهي بمجيئ المسيح (سموتريتش خاصة) لذلك ستدفع هذه التيارات للمواجهة بهدف الحسم. ماذا يعني الحسم؟ يعني سحق الفلسطينيين. مقابل اليمين الكهاني والمسياني والشعبوي الذي يقوده نتنياهو، وبسبب الانقلاب الذي تقوده على مستوى تشريعي وقضائي وفصل سلطات...الخ، بدأت تشهد إسرائيل شقوقا وتصدعات يجد تعبيره في كتابات المثقفين من "الليبراليين" (مع التحفظ على الكلمة)، والتي ترى أن هذا التحول مرتبط بحبل السرة ببنية النظام وبسياسته تجاه الفلسطينيين، وان كل فكرة الدولة اليهودية والديموقراطية في واقع مجدول باحتلال وسلب وفوقية يهودية هي ذر للرماد في العيون،  هؤلاء يرون أن الاحتلال أنتج دولة سموتريتش ودولة سموتريتش بدأت تهددهم او كما كتبت سابقا الان بات رعب الاسرائيلي العلماني-ليبرالي ان يصبح فلسطيني. الكتابة الاسرائيلية اليوم زاخرة بكتابات أبوكاليبتية وسوداوية وسبق وأن نشرت عن ذلك في المشهد الاسرائيلي. هذه لحظة مهمة وفارقة، يمكن البناء عليها من اجل بناء سلسلة من التحالفات مع المجتمع المدني مع المثقفين مع جماعات معارضة لتشكيل "كتلة تاريخية" تعمل على انتاج هيمنة مضادة بمفهوم غرامشي. ليست تحالفات عينية على مصالح هنا وهناك بل لبناء هيمنة مضادة. هذه الهيمنة المضادة بالضرورة تقوم على قيم عدالة ومساواة وفي محورها وقلبها قضية اللاجئين. هذا يعني أن نتحدث في كل مكان يمكن ان نخلق تقارب معه لنشر هذه الرؤية التي قد ينخرط فيها شركاء فلسطينيون في كل مكان ويهود وإسرائيليون. هذه قضايا كبرى ربما إذا اجدنا الحوار حولها، وكم نحن بحاجة لذلك، أن يكون بداية جدية لبلورة ملامح حركة وطنية جديدة تعيد صياغة البرنامج الوطني لمناهضة الفاشية والعنصرية والاحتلال الكولونيالي في آن واحد.  
    • 0
    • 0
    • لا توجد موضوعات

    • الشباب الفلسطيني وصناعة التغيير … الفرص والإمكانيات
      الشباب الفلسطيني وصناعة التغيير ... الفرص والإمكانيات طلال أبو ركبة نجح الشباب الفلسطيني المنتفض في الجولة الأخيرة من جولات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في استعادة الأمل في إمكانية إعادة بناء الوعي المشترك بين التجمعات الفلسطينية على اختلاف أماكن تواجدها، وتعزيز الجامع المشترك بين الفلسطينيين من جديد، وبناء العلاقات السياسية والاجتماعية على أساس تضامني يركز على المشروع التحرري والانعتاق من الاستعمار. استعادة الأمل والإمكانية التي أوجدها الشباب الفلسطيني في كافة التجمعات الفلسطينية، أعاد من جديد للقضية الفلسطينية رونقها، بعد سنوات من هيمنة حالة الإحباط والتفكك والشرذمة التي ضربت ولا تزال بينة النظام السياسي الفلسطيني، أو كما يسميه جميل الهلال ب"الحقل السياسي". تنوع الفعل الشبابي بحسب الجغرافيا السياسية أبرز بشكل لافت أهمية استعادة الدور والإمكانية التي يمكن أن يلعبها الشباب في إطار رحلة الدفاع عن الحقوق السياسية الفلسطينية، خصوصا وأن التلاحم الوطني الذي شاهدناه خلال الهبة الشعبية الأخيرة، والتي يمكن أن نطلق عليها انتفاضة القدس، جاء في إطار افشال لسياسات إسرائيلية ممتدة عملت على مدار عقود من خلال مصفوفة من السيطرة والتحكم إلى إحلال الهموم والخصوصية المناطقية والمحلية في الواقع الفلسطيني على حساب الهم الوطني والجامع، فكان ذلك التلاحم الوطني في أبهى صوره ما بين الكل الفلسطيني، فمن القدس إلي الداخل المحتل، إلي غزة، إلي الضفة الغربية، إلي الشتات الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده. من جديد نجح الشباب الفلسطيني في أن يعيد للقضية الفلسطينية، وأن يجبر العالم كله في استعادة حساباته مع القضية، التي بدت قبل تلك الجولة من الصراع، كما لو أنها في انحسار بفعل ما تركه الانقسام الفلسطيني الداخلي من ناحية، وانهيار النظام العربي الرسمي عقب ثورات الربيع العربي، والهرولة نحو التطبيع عقب صفقة القرن الأمريكية من ناحية أخرى، حتى وصل الأمر إلى اعتبار أن القضية الفلسطينية لا تشكل 1% من إجمالي الإشكاليات في الإقليم الملتهب بحسب تصريح عضو الكنيست الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. كما نجح الشباب في لفت نظر العالم بأكمله إلى أزمات قطاع غزة الذي يعتبر أكبر سجن مفتوح في العالم، وأعادوا من جديد فرص لإحياء ضرورة انهاء الانقسام داخل البيت الفلسطيني، وضرورة توحيد وتفعيل المؤسسة الفلسطينية، خصوصا وأن الالتفاف الجماهيري حول انتفاضة القدس شمل كافة الجغرافيا السياسية سواء داخل فلسطين التاريخية، أو في الشتات الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم. قدم الشباب الفلسطيني في تلك الجولة من جولات الصراع نموذجاً مختلفاً، عما اعتدنا عليه في كافة الجولات السابقة، فكانت لصحافة المواطن التي امتازوا بها، دوراً بارزا في إحداث تحول في السردية الصهيونية في الرأي العام العالمي، واعتمدوا مواجهة البطش الإسرائيلي بعلامة النصر والابتسامة أمام الكاميرا، في واحدة من ابداعات الشباب في محاولته لنزع الصورة الأخلاقية التي عملت دولة الاحتلال على تصديرها للعالم عن نفسها. كما كان الحضور اللافت للشباب بخطاب عقلاني على كافة محطات التلفزة الدولية، أثراً مهماً في إحداث ثغرة في الرواية الصهيونية في العالم، حيث قدم الشباب الفلسطيني نفسه للعالم، بحرفية عالية كضحية حية تقاوم، فقدم خطاب حقوقي يستند على مبادئ القانون الدولي والإنساني، ومعرفة تامة بتفاصيل القضية والحق الفلسطيني، ومهارة عالية في اللغة، ومخاطبة الجمهور الغربي. يدفع هذا الحضور والأداء المميز للشباب الفلسطيني الحاجة إلى استحضار التساؤل دائم الحضور في المشهد الفلسطيني حول الفرص المتاحة أمام الشباب في الحقل السياسي الفلسطيني، ومدى قدرتهم على استنهاض المؤسسة الفلسطينية من جديد. يذهب أغلب الباحثون في تناولهم للأزمة البنيوية التي تضرب بعمق في عصب النظام السياسي الفلسطيني، بفعل سياسات الاحتلال وعلاقات التبعية تارة، وبفعل غياب الدمقرطة وتجديد الشرعيات لكافة مؤسساته تارة أخرى وبفعل حالة الانقسام والتشظي والازدواجية في المؤسسات الفلسطينية منذ الانقسام الداخلي في حزيران 2006، تارة ثالثة. وهي الحالة التي أثرت على العلاقات والتفاعلات الفلسطينية الداخلية على كافة المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الفلسطينيين على اختلاف أماكن تواجدهم. كما أنهم يتفقون أن الشباب عليهم دور هام وحيوي في تعزيز الجامع المشترك بين الفلسطينيين، وفي بناء العلاقات السياسية والاجتماعية على أساس تضامني يركز على المشروع التحرري والانعتاق من الاستعمار، ويثار هنا تساؤل مفصلي في إطار رؤية التجديد والتغيير في الحالة الفلسطينية، مرتبط بمدى النجاعة والقدرة لدى الشباب حول القيام بهذا الدور، وهو ما ستحاول هذه الورقة ابراز ملامحه. الشباب معطيات وأرقام: بداية ونتيجة لحالة الشتات التي تمر بها التجمعات الفلسطينية، فلا يوجد إحصائيات أو معطيات كمية دقيقة حول الشباب في مختلف أماكن تواجده باستثناء المعطيات التي يقدمها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وهي مقتصرة لحد بعيد على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، إضافة لبعض المعلومات التي تقدمها بعض المؤسسات الأهلية حول الشباب من خلال دراسات تعمل على دراسة الهوية مثل معهد دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت بالتعاون مع هيئة الأصدقاء الأمريكية. إجمالاً تبرز المعطيات الإحصائية والدراسات الكمية  المتوفرة حول الشباب، حجم التهميش الذي يعاني منه الشباب في الواقع الفلسطيني إضافة لحالة الإختلاف في التحديات التي تواجههم باختلاف الجغرافيا السياسية سواء على المستوى الفردي والجماعي، إذ تشير كافة المعطيات إلى أن المجتمع الفلسطيني مجتمعا فتياً إذ أن ما نسبته 22% من إجمالي السكان في الأراضي الفلسطينية هم من الشباب ضمن الفئة العمرية (18-29) سنة، أي بما يعادل خمس السكان تقريباً، بحسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2020، كما تشير تلك الاحصائيات إلي تلاشي الأمية تماما بين صفوف الشباب، وأن هناك 180من بين كل ألف شاب حاصل على درجة البكالوريوس في الأراضي الفلسطينية. أما على المستوى الاقتصادي، فتشير المعطيات إلى أن البطالة فلقد بلغت بين صفوف الشباب ما نسبته 38% بواقع 63% في قطاع غزة، مقابل 23% في الضفة الغربية. فيما أظهرت بيانات المسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2019 أن نسبة الشباب في العمر (18-29 سنة) الذين يستخدمون الانترنت من أي مكان قد بلغت 86% في فلسطين بواقع 90% في الضفة الغربية و79% في قطاع غزة.  دون وجود فروقات بين الذكور والاناث. كما أشارت البيانات أن 94% من الشباب الذين يستخدمون الانترنت استخدموا شبكات التواصل الاجتماعي او المهني (فيسبوك، توتير، لينكد ان.. الخ) بواقع 96% في الضفة الغربية و91% في قطاع غزة. ولقد أظهرت دراسة مركز دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت حول " الشباب الفلسطيني الفلسطينيون: الهوية والمشاركة والمكان" والتي أجراها بالتعاون مع هيئة خدمات الأصدقاء الأمريكية في حزيران 2020، بأن 60% من الشباب المشارك في عينة الدراسة يرون بأن التهديد الشخصي الرئيس يرتبط بأوضاعهم الاقتصادية. وهذا التهديد بحسب الدراسة يتشابك مع الظروف والسياق المعاش لكل مكون فلسطيني، ومع البنى الاجتماعية والسياسية والثقافية والتي ساهمت في تشكيل مخاطر وتهديدات إضافية ضمن الواقع الجيوسياسية. شرذمة الحالة الشبابية في فلسطين: بداية لا يمكن التعاطي مع فئة الشباب باعتبارها كتلة أو شريحة عمرية واحدة متجانسة، ولكن هذا لا يعني أن يتم وضعهم خارج الحالة الوطنية أو خارج قضايا المجتمع المتنوعة، فالشباب مكون أساسي من مكونات أي تشكيلة اجتماعية وسياسية واقتصادية وتاريخية، وقضايا الشباب على الدوام هي من صلب قضايا المجتمع وقضايا المجتمع هي من صلب قضايا الشباب، ولطالما كان الشباب الفلسطيني على الدوام جزءاً من إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وهو ما حدث مع الحقل السياسي الفلسطيني ما بعد النكبة، وانطلاق مرحلة التحرر الوطني في ستينات القرن الماضي إلا أن الشباب عانى من التهميش والغياب على مستويات المشاركة السياسية عقب مرحلة أوسلو، حيث شهد المجتمع الفلسطيني تراجعاً ملحوظاً للشباب في المشاركة السياسية، نتيجة السياسات المتبعة من قبل السلطة الفلسطينية في مؤسساتها الناشئة بفعل بروز الزبائنية في النظام السياسي الفلسطيني. ليجد الشباب الفلسطيني مع مرور الوقت أنفسهم خارج التشكيلات السياسية القائمة، إذ تشير الدراسات إلى أن نسبة تمثيل الشباب داخل مؤسسات وهيئات صنع القرار في مؤسسات السلطة الفلسطينية لا تتجاوز 1%. ازدادت الأوضاع سوء بالنسبة للشباب الفلسطيني عقب أحداث الانقسام الداخلي في حزيران /تموز 2007، والتي ساهمت في خلق حالة من الفصل بين تجمعيين رئيسين من التجمعات الفلسطينية (الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح، وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس)، ليساهم هذا الفصل بشكل كبير في شرذمة المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وبالتالي شرذمة الحالة الشبابية وغياب وحدتها، وتطورها، خصوصا مع غياب أو وأد التجربة والممارسة الديمقراطية في كافة المؤسسات الفلسطينية، وفي مقدمتها المؤسسات الشبابية حيث عطلت الانتخابات الطلابية والنقابية بخلاف الانتخابات التشريعية والرئاسية منذ ذلك التاريخ. تعطيل الديمقراطية الفلسطينية وأد لفرص الشباب: بالرغم من غياب التجربة الديمقراطية في مراحل كثيرة من التاريخ الفلسطيني الحديث، لأسباب موضوعية ارتبطت في كثير من الأحيان بأزمة الاقتلاع والتشريد التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، إلا أن الفلسطينيون نجحوا تاريخياً وعبر محطات تاريخية مختلفة من تحويل الفرص الديمقراطية التي أتيحت لهم ما قبل أوسلو، إلي حالات نضالية يوكدوا من خلالها على حقهم في الحرية وتقرير المصير، ومن هنا كان التحدي الفلسطيني لإرادة الاحتلال في تجربة روابط القرى، أو في الانتخابات الطلابية في الجامعات الفلسطينية وخصوصا جامعتي بيرزيت والنجاح الوطنية، والتي كان ينظر لها كاستفتاء وطني على شرعية الحركة الوطنية، وحتى التعامل الفلسطيني خلال مرحلة الكفاح المسلح والثورة الفلسطينية ما بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية كان يتسم بشكل كبير فيما يمكن أن نطلق عليه بالديمقراطية التوافقية، أو ديمقراطية غابة البنادق بحسب وصف الرئيس الراحل ياسر عرفات. عقب قيام السلطة الفلسطينية لجأ المجتمع الفلسطيني إلى شرعية الصندوق في بناء وتطور نظامه السياسي، ونجح بالفعل في مرتين متتاليتين من أجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية 1996، و2006، بالإضافة إلى انتخابات رئاسية في 1996، و2005. أما الانتخابات المحلية فلقد أجريت مرة واحدة في قطاع غزة في العام 2005، ثم توقفت نهائيا بفعل الانقسام السياسي الفلسطيني، فيما أجريت عقب ذلك في الضفة الغربية في الأعوام 2012، و2016. في ضوء هذا الواقع المتعرج لمسار الديمقراطية الفلسطينية لم يكن الحضور الشبابي مناسباً في المشهد الانتخابي الفلسطيني، ترشيحاً، فيما كان الحضور فاعلاً تصويتا، حيث كان في كل مرة ينظر فيها للشباب باعتبارهم كتلة تصويتة ويتم التعامل معهم وفق ذلك المنظور، ولم يكن المشهد السياسي الفلسطيني يتعامل مع الشباب باعتبار تمكينهم السياسي ضرورة فلسطينية ملحة في إطار رفد المؤسسة الفلسطينية بالطاقات المتجددة، وذلك بفعل هيمنة قيم الأبوية والبطريركية على قيم العمل السياسي الفلسطيني، سواء على مستوى المؤسسات الفلسطينية، أو على مستوى بنية الأحزاب السياسية. ساهم هذا الواقع تلقائياً على معدلات الثقة لدى الشباب بالحركات والأحزاب السياسية الفلسطينية، حيث أشارت دراسة بيرزيت، بأن ما نسبته 74% من الشباب لا يثقون بالأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية، فيما أشار 57% من الشباب إلى غياب لأي طرف من تمثيلهم سياساً. وهذا يشير إلى حجم الفجوة في العلاقات السياسية بين الشباب والأحزاب السياسية وغياب الثقة بها، وهذا عائد بشكل واضح إلى حالة التكلس التي أصابت الأحزاب السياسية التي انغمست في مصالح فئوية فردية على حساب المصالح العامة للمجتمع الفلسطيني وخصوصا الشباب فيه، مما دفع الشباب الفلسطيني إلى الانكفاء نحو الذات، وهيمنة مفاهيم الخلاص الفردي على حساب الخلاص الجمعي، كنتيجة طبيعية، مع تفاقم ممارسات التهميش لدورهم السياسي والمجتمعي والاقتصادي، وازدياد معدلات القمع والتنكيل بهم خلال تلك الفترة. وهذا ربما كانت أبرز مؤشراته في بروز الحراكات الشبابية من خارج الأحزاب خلال سنوات الانقسام الفلسطيني الداخلي. الحراكات الشبابية في فلسطين: ساهمت ثورات ما يعرف بالربيع العربي، التي انطلقت في العديد من الميادين العربية، في بروز ما يعرف اصطلاحا بالحراكات الشبابية، خصوصا وأن تلك الثورات كانت قد تشكلت بقوى شبابية بحتة، مستاءة من سياسات أنظمتها، وغير مقتنعة بأداء المعارضة التقليدية فيها. حملت تلك الحراكات الشبابية جملة من السمات بحسب العديد من الباحثين، والتي تجلت في الابتعاد عن الأحزاب والفصائل الكلاسيكية، كما أنها لا تسعى لأن تكون بديل حزبي أو فصائلي عما هو قائم في المجتمع، وهي تنظر لنفسها وتعرف ذاتها باعتبارها حركة احتجاج مناهضة للواقع، وتسعى لتغييره دون أن تمتلك رؤية أو تصور لمرحلة ما بعد التغيير، وهو ما يجعلها بحسب وصف الباحثين حركات تغيير وليس حركات بناء وتطوير. هذا بخلاف أنها تمتاز بالمرونة في الحركة نتيجة الانسيابية في اتخاذ القرارات داخلها، حيث لا توجد مرجعيات فكرية أو أيديولوجية تقودها، أو قيادة مركزية توجهها، وأغلب الأحيان فإن قراراتها توافقية جماعية، كما أن القائمين عليها يطلقون على أنفسهم لقب نشطاء وليس أعضاء، وهو ما يعني أن مساحة الحرية في اتخاذ القرار لدى الناشط كبيرة سواء في الاستمرار في الحراك او الانسحاب منه دون يترتب عليه التزامات، إضافة لعدم وجود تصور لديهم في كيفية الاستمرار في الحراك أو انهائه. فلسطينيا حاول الشباب الفلسطيني التقاط الفرصة في  مناهضة النزعة التفكيكية التي تواجههم، وكانت لديهم محاولات مختلفة لمواجهة هذه الحالة، ربما كانت ابرزها تشكيل العديد من الحركات الشبابية الرافضة للاستسلام لواقع الانقسام والتشظي مثل حراك 15آذار لإنهاء الانقسام، وحراك الكهرباء، وبدنا نعيش في غزة، ومجموعات الأمل ونبض وهبة في الضفة الغربية، وهبة البوابات الاليكترونية في القدس، وحراك حيفا، وشباب التغيير في الناصرة، وحراك برافر داخل الأراضي المحتلة 1948.فيما شهد الشتات الفلسطيني في لبنان محاولات لتشكيلات شبابية بعيدة عن الأحزاب السياسية مثل الشبكة الشبابية الفلسطينية، وحملة المخيمات تقاطع... وغيرها، إلا أن هذه الحراكات لم تنجح في الاستمرار أو في تحقيق أهدافها، وذلك لعدة أسباب منها: أولا:  غياب التجانس بين المجموعات الشبابية وغياب التجربة التنظيمية بين صفوفهم، خصوصا وأن العديد من الشباب لم يحظى بخوض تجربة ديمقراطية واحدة طوال حياته، مما ساهم في بروز أمراض الزعامة المبكرة فيما بينهم، إضافة لغياب الهم الجامع لدى الشباب حيث كانت تلك الحراكات الشبابية مناطقية أو محلية، كل حراك منها يحاكي واقع التجزئة الجغرافية التي فرضها الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، وهذا ربما ما يؤكده جميل هلال في فشل الجامعات الفلسطينية باعتبارها جامعات وطنية من حيث تكوينها، واعتبارها أقرب لجامعات محلية تستقطب كل جامعة بالأساس طالبها من محيطها الجغرافي، وهو ما ساهم في نجاح تلك الحراكات لتكون حراكات وطنية. ثانياً: الارتدادات الحزبية والفصائلية، حيث سعت الفصائل والحركات السياسية إلي محاولة فرض أجندتها على تلك الحراكات مستفيدة من حالة الانقسام، وتشويه تلك الحراكات أو القائمين عليها باعتبارهم ممولين أو تابعين لجهة ما من طرفي الانقسام، وهو ما أدى إلي صراع بين الشباب أنفسهم، وارتدادهم لأحزابهم في نهاية المطاف. ثالثاً: غياب مفاهيم وقيم العمل الجمعي لدى الشباب الفلسطيني، حتى أن النشطاء الذين بروزا في الحالة الفلسطينية خلال العقدين الأخيرين، كان بروزهم فردي، لا يعكس بأي حال من الأحوال، القدرات الجمعية للشباب، ولقد اكتسب هؤلاء النشطاء المهارات والمعارف من خلال مؤسسات المجتمع المدني، والتي كانت فلسفة العمل لديها تقوم على مفاهيم التمكين الفردي وليس التمكين الجمعي، مما عزز من روح الفردانية بين الشباب الفلسطيني. رابعاً: وهن وهشاشة الحراكات الشبابية لعدم قدرتها على مأسسة بنيتها على شكل تجمع، أو تشكيل حركة لها ماكينتها الإعلامية وشبكة علاقاتها الزبائنية التي تمكنها من تمثيل الشباب والتحدث باسمهم. الشباب الانتخابات التشريعية الملغاة: وجد الشباب الفلسطيني في المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية الملغاة فرصة سانحة لانتزاع حقوقهم وعلى الفور بدأ الشباب في تشكيل القوائم الانتخابية الشبابية المستقلة بعيداً عن الأحزاب السياسية الكلاسيكية، والتي أيضا بدورها لجأت إلي جذب الشباب من خلال ترشيح عدد منهم داخل قوائمها الانتخابية، أو من خلال خطابها الذي بدأ يتبنى في لحظة الانتخابات حقوق واهتمامات الشباب كأولوية في رؤيتها، خصوصاً وأن الشباب شكل 40% من السجل الإنتخابي، بما يعني أنهم فائض قوة انتخابية لا يمكن تهميشه أو اقصائه. برز التعطش الشبابي للعملية الديمقراطية بشكل واضح سواء من خلال التسجيل في السجل الإنتخابي، أو من خلال القوائم الانتخابية التي تشكلت والتي بلغت 36 قائمة انتخابية، وكانت نسبة الشباب المترشح في القوائم الانتخابية ممن هم دون سن الأربعين قد بلغت ما يقارب 39% من إجمالي المرشحين، وهو ما يبرز حالة التعطش لدى الشباب من أجل الحصول على فرصة لتمثيل أنفسهم في مراكز صنع القرار. مما دفع الشباب لتشكيل قوائم شبابية خاصة بهم، خصوصا وأن الشباب يدرك أن الخطابات السياسية وبلاغتها الانتخابية وعملية الاستقطاب الحاد خلال العملية الانتخابية لا تعبر بالضرورة عن واقع الحال الفلسطيني فيما يتعلق بالشباب ومسألة ترشيحهم، وهذا ما نجح الشباب إلي حد ما في التقاطه خلال العملية الانتخابية التي لم تكتمل، خصوصا وأن المؤشرات القائمة تؤكد ذلك، فلو نظرنا فقط إلي متوسط أعمار أعضاء أهم أربعة مراكز سياسية فلسطينية وهي: (اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، والمكتب السياسي لحركة حماس، ومجلس الوزراء الفلسطيني)، سنجد أنها تبلغ متوسط عمري يقترب من 63 سنة، حيث أن متوسط أعمار أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والتي أفرزها المؤتمر السابع بلغت 64 عاماً. في حين أن آخر لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بلغ معدل أعمار أعضائها 68 عاماً.  أما حركة "حماس" فإن متوسط أعمار أعضاء المكتب السياسي الحالي هو 60 عاماً.  أما متوسط أعمار الحكومة الثامنة عشر التي يرأسها محمد اشتية فقد بلغ 60 عاماً. وهو مؤشر يؤكد في نهاية المطاف أن فئة الشباب لدى المؤسسات الفلسطينية، ليسوا ذاتهم الشباب وفق التعريفات القانونية والمقاييس السكانية. بالرغم من عدم استكمال العملية الانتخابية والغائها، إلا أن التجربة الشبابية خلال مرحلتي التسجيل والترشح نجحت في كسر تابوهات السياسة التقليدية النمطية في الحياة الفلسطينية، وأعطت الشباب الفرصة لتجاوز حاجز الخوف في خوض غمار العملية السياسية، والبحث عن تشكيلات سياسية جديدة تمكنهم من الوصول إلي مراكز صنع القرار، حتى وإن كانت لا تمتلك في هذه المرة من الحظوظ والرهانات ما يمتلكه الحزبان الكبيران، أو تفتقر إلي أدوات النجاح في الانتخابات أو تحقيق نتائج لافتة، إلا أن هذه التجربة وما راكمته من خبرات لجيل الشباب الحالي، يمكن التعويل عليها في مراحل مقبلة وجولات أخرى. انتفاضة القدس مسار شبابي جديد: نجح الشباب الفلسطيني في اجتراح مسار شبابي جديد خلال انتفاضة القدس الحالية، والتي يجب النظر إليها، باعتبارها عملية تاريخية قيد التشكل خارج نطاق مقاربات الإصلاح والترميم للنظام السياسي الفلسطيني، الذي تهيمن عليه علاقات أسيرة للعلاقة الاستعمارية القائمة على الفصل بين المكونات الفلسطينية، فيما تعتبر تلك الانتفاضة خروجا عن هذه العلاقة وتمرداً واضحاً عليها، وإعادة انتاج وعي فلسطيني جديد مرتبط لحد بعيد باستعادة التوصيف الصحيح للعلاقة مع مستعمر يسعى لطمس الهوية والحقوق الوطنية الفلسطينية. وهي حالة تشكل امتداد لأشكال من التعبير والعمل السياسي الجمعي للشعب الفلسطيني باختلاف الجغرافيا السياسية. إلا أنه ومع ذلك لا يمكن الذهاب إلى الفصل بين أشكال العمل السياسي التقليدي للمنظمة والسلطة والأحزاب وأشكال العمل السياسي الجديد التي يتصدرها الشباب الفلسطيني، الذي أجاد تقديم نفسه خلال هذه الجولة من الصراع، وقدم نماذج شبابية فلسطينية قادرة ومتمكنة من مواصلة العمل السياسي والكفاحي الفلسطيني، وهذا يتطلب تطوير مسار جديد يتم فيه البناء على ما يجمع الفلسطينيين في الوطن والشتات، ويجمع ما بين البحث عن المخرج الحقيقي القادر على إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني. فاللحظة الحالية هي لحظة أمل تعني أن هناك جيلا جديداً يلتقط الفرصة ويكسر احتكار السياسية دون أذن من أحد، لإعادة صياغة العلاقة مع الاحتلال باعتبارها علاقة صراع، وليس "تفاهم". وقد تكون تلك اللحظة وارهاصاتها شبيهة لمرحلة ما بعد النكبة التي شق خلالها جيل جديد شاب طريقه، وطور أشكال عمله وأدواته وصولا إلى تشكيلات سياسية استمدت شرعيتها من الشعب الذي أضفى عليها الشرعية دون انتخابات. إن نجاح الشباب في الصعود إلى موقع القيادة في النظام السياسي يتطلب منهم أولا العمل وفق مبدأ التشاركية، وتجاوز المناطقية، والابتعاد قدر الإمكان عن محاولات الاحتكار والاحتواء، والاستثمار الجاد في إعادة بناء الفضاء السياسي الفلسطيني. مهمات شبابية لاستثمار الهبة مما لا شك فيه أن توجهات ومواقف الشباب تشكلت في سياق التجزئة والشرذمة التي عاشها ولا يزال كافة مكونات المجتمع الفلسطيني، سواء تلك المرتبطة بالمشروع التحرري واستراتيجية التعامل لإدارة النضال الوطني ضد المحتل، أو المرتبطة بالعلاقات والتفاعلات السياسية والمجتمعية بين الفلسطينيين، وإذا كان الموضوع الأول مرتبط بالاحتلال، فإن الثاني مرتبط لحد بعيد باتفاقية أوسلو وما عمقته من واقع وحدة الشرذمة والتجزئة، وهو ما يتطلب بلورت رؤية نقدية لمالات التجربة الفلسطينية. وضعت اللحظة التاريخية الراهنة الشباب الفلسطيني أمام مهمات و تحديات كبيرة، مما يتطلب منهم فعلا حقيقا ومختلفا عن كافة الأشكال السابقة التي عرفتها التجربة الفلسطينية،  حيث نجحت الهبة بأشكالها المختلفة باختلاف الجغرافيا الفلسطينية، في أن تعيد طرح تحدي جوهري إزاء إمكانية التوجه نحو تأطير الحراكات والأطر الشبابية بما يضمن الاستمرارية وقوة الدفع التي من شأنها أن تحول هذا القطاع، ليصبح الفاعل والمحرك الرئيس لمتطلبات التغيير الديمقراطي والاستجابة في ذات الوقت لتنمية الشعور الوطني، خصوصاً في ضوء انسداد برامج الأطراف المهيمنة على المشهد. إن ما حدث يؤكد بأن القضية لا تُختزل فقط في خلق مساحة جديدة خارج أو داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وإنما في تغيير السلوك السياسي لدى الفلسطينيين كشعب مسيس وينتمي إلى الأطر السياسية المتواجدة حاليا. يتحتم على هذ السلوك السياسي الانتقال من السقف الحزبي إلى السقف الوطني. الذي كرسه وعززه الانقسام الفلسطيني الداخلي، فما حدث هو تجاوز للمناطقية الضيقة، واعلان صريح عن الحاجة الى ضرورة  تعزيز الوطني على حساب الحزبي. لفتت الهبة الانتباه إلى ضرورة التقاط الفرصة وانتزاع المبادرة من قبل القوى والاتجاهات الاجتماعية، لبلورة برنامج ملموس للإنقاذ الوطني والبناء الديمقراطي يضع قطاع الشباب في صدارة المشهد الوطني، ولكي تتجاوز تلك الإمكانية مربع الطموحات الحالمة التي تراود النشطاء والحراكات الشبابية، فإن المطلوب فعله الأن هو:
      • العمل على فتح مساحات ومنصات شبابية تساهم في تشكيل جبهة عريضة شبابية من كل مكونات المجتمع الفلسطيني للضغط والمطالبة بتشكيل لجنة موسعة لإصلاح وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وتعزيز البعد الشعبي بمبادرته وقيادته الشابة للعمل على تعزيز حملات التضامن الدولية والتي نجح الشباب من خلالها في كسر السردية للرواية الصهيونية، وتصحيح الوعي بالرواية الفلسطينية للصراع.
      • فتح حوارات بين الشباب والأجيال الأكبر، للوقوف على حالة القطعية التي عاشها الشباب مع الحركة السياسية وفتح جلسات نقاشية برؤية نقدية لعمل الحركة السياسية الفلسطينية، وربطها بمحطات تاريخية ترصد التحولات الحاصلة ما قبل وما بعد أوسلو، مع أهمية تقييم تلك المراحل برؤية نقدية.
      • تفعيل العمل الشبابي المساهم في خلق مبادرات وحراكات مجتمعية لإحياء المناسبات الوطنية برؤية ناقدة، كتلك التي تتبنى وتشكل حالة اشتباك مع المستعمر، أو حالة اشتباك في حقوق محلية اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتوثيق تلك النماذج الشبابية الفاعلة لبناء حالة وعي مستلة من تلك التجارب، من شأنها أن تؤسس لفعل شبابي جمعي لاحقاً.
      • دفع الشبكات الاجتماعية الموجودة والتشكيلات الشبابية القائمة وغيرها لتوحيد الأهداف الجمعية بجهد اشتباكي يبني على ثقافة التحرر من الاستعمار.
      • تشكيل شبكة قيادية بين الحراكات الشبابية المختلفة في كافة أماكن التواجد الفلسطيني، بحيث تكون لديها القدرة على إشهار رؤية موحدة لما هو ممكن في الحالة الفلسطينية.
      إن تحقيق هذه العناصر كفيلة بأن تحول الهبة الحالية لحالة اشتباك دائمة مع المستعمِر وحراك اجتماعي مستدام يجعل الكل الفلسطيني أقرب إلى الحرية والانعتاق وتقرير المصير. مما يستدعي بلورة رؤية استراتيجية للعمل الشبابي على الصعيدين الاجتماعي والوطني يأتي في صلبها بحث امكانية بلورة صيغة تعددية جامعة تعكس ارادة التيار العريض في المجتمع الفلسطيني والتجمعات الفلسطينية في بلدان الشتات.   مراجع الورقة:
      • جميل هلال: "الهوية والثقافة الوطنية وتفكك الحقل السياسي الفلسطيني"،2016، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، مسارات، https://www.masarat.ps/article
      • الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني: " الاحصاء الفلسطيني يستعرض أوضاع الشباب في المجتمع الفلسطيني بمناسبة اليوم العالمي للشباب"، 2019، http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3529
      • أيمن عبد المجيد: " الشباب الفلسطينيون: الهوية والمشاركة والمكان"،2020، معهد دراسات التنمية-جامعة بيرزيت، وهيئة الأصدقاء الأمريكية الكويكرز.
      • لجنة الانتخابات المركزية: "احصائيات وأرقام حول القوائم الانتخابية"2020، https://www.elections.ps/tabid/1140/language/ar-PS/Default.aspx
      • جميل هلال : " الشباب الفلسطيني المصير الوطني ومتطلبات التغيير"، 2016، مؤسسة الأرض للأبحاث والدراسات السياسية.
      • أحمد عزم: ''الشباب الفلسطيني من الحركة إلى الحراك ( 1908 - 2018 )''، 2019، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، مسارات،
      ملاحظة:  نستقبل تفاعلكم وردودكم على هذه الورقة البحثية بهدف اثرائها وتطويرها، هذا ولا يلتزم المركز بنشر كافة الردود على الورقة
    • 0
    • 0
    • لا توجد موضوعات

    • المنتدى
      المنتدى الحواري
    • 0
    • 0
    • لا توجد موضوعات

الاخبار العاجلة
مركز الأرض للأبحاث والدراسات والسياسات يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق