فيما يدفع المجتمع والإعلام والجيش والأوساط السياسية في إسرائيل نحو عملية برية لاجتياح غزة لاستكمال الحرب الانتقامية ضد القطاع المحاصر، أشارت تقارير إسرائيلية إلى اعتبارات سياسية تدفع نتنياهو إلى “تأخير” الاجتياح الذي يبدو وشيكا.
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”)، مساء الأحد، أن “اعتبارات سياسية” تدفع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى إرجاء العملية العسكرية البرية لاجتياح غزة، فيما أشارت القناة الرسمية الإسرائيلية إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بات جاهزا للمناورة البرية ويترقب صدور الأوامر باجتياح القطاع المحاصر.
جاء ذلك وسط تقارير عن ضغوط أميركية على تل أبيب، لإجراء أي عملية برية لغزو قطاع غزة، وذلك في محاولة لاستنفاد الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن مع قطر، في محاولة لدفع فصائل المقاومة في قطاع غزة إلى الإفراج عن أسرى مدنيين إسرائيليين، الأمر الذي قد يتم إحباطه في أعقاب اجتياح جيش الاحتلال لقطاع غزة.
وأشارت “كان 11” إلى اعتبارات عملياتية قد تكون سببا كذلك في إرجاء العملية البرية التي تبدو وشيكة، في حين شددت على أن “القوات البرية في الجيش الإسرائيلي باتت مستعدة” لاجتياح قطاع غزة، فيما ذكرت أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تمارس ضغوطًا لتأخير الاجتياح البري، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن “الأسرى والمفقودين”.
يأتي ذلك مع تصاعد التوترات على الجبهة الشمالية مع تبادل إطلاق نار يومي بين فصائل فلسطينية ومقاتلي حزب الله، وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن التصعيد عند الحدود لا يزال ضمن قواعد الاشتباك السارية بين حزب الله وإسرائيل، لكن خبراء يحذرون من احتمال توسع الحرب إلى لبنان عبر تدخل أكبر لحزب الله في حال شنت إسرائيل هجومًا بريًا على غزة.
وألمح وزير الأمن الإسرائيلي، إلى أن الغارات الجوية العنيفة التي تشنها طائرات الاحتلال على قطاع غزة “تمهد الطريق لتقدم القوات البرية”، فيما لفتت “كان 11” إلى أن ذلك لم يأت بناء على توصية من المستوى العسكري، وإنما أوامر تلقاها الجيش الإسرائيلي من القيادة السياسية.
وشدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، على أن الجيش بات جاهزا لاجتياح قطاع غزة، وسيقدم على ذلك فور صدور القرار من المستوى السياسي، وذكرت القناة أن “القوات مستعدة منذ أيام”، محذرة من “التهاون والإرهاق” في صفوف الجنود، في حين يرفض مكتب نتنياهو التطرق إلى أية أسئلة تتعلق بالعملية البرية أو موعدها.
وأشارت “كان 11” إلى تكاليف قد تترتب على تأخير العملية البرية، ولفتت إلى العملية التي نفذتها فصائل المقاومة ضد قوة في جيش الاحتلال توغلت إلى المنطقة المحاذية للسياج الفاصل داخل قطاع غزة المحاصر قرب “كيسوفيم”، وأسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، وقالت القناة إن مثل هذه العملية قد تتكرر بينما تتجمع القوات في محيط غزة استعدادا لاجتياح القطاع.
وخلال مؤتمره الصحافي اليومي، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هغاري، مساء الأحد، “نحن نعمل على تجهيز المنطقة لتقليل المخاطر على الجنود الذين سيدخلون قطاع غزة. ولهذا السبب نهاجم بقوة من الجو وسنستمر على هذا المنوال حتى ننفذ الاجتياح”. وتابع “نحن جاهزون للمناورة، وعندما يوافق عليها المستوى السياسي سنتحرك”.
اتفاق محتمل بشأن الأسرى المدنيين؟
في المقابل، أشارت القناة 12 وإذاعة الجيش الإسرائيلي، إلى اعتبارات مختلفة قد تكون وراء تأخير العملية البرية التي باتت مطلبا شعبيا في إسرائيل لاجتياح غزة ضمن الحرب الانتقامية التي تشنها سلطات الاحتلال على القطاع، وشددت القناة 12 على مسألة التوقيت.
وبحسب القناة 12 فإن الاعتبارات الثلاثة التي تحرك المسؤولين الإسرائيليين في ما يتعلق بمسألة التوقيت، هي، أولا: مسألة الأسرى والمفقودين، وما إذا كان من الممكن فعلاً استنفاد تحرك كبير تقوده واشنطن ودول المنطقة في الأيام المقبلة.
والاعتبار الثاني الذي أشارت إليه القناة 12، هو تصاعد التهديدات والهجمات التي باتت تتعرض لها المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، والاستعدادات التي تبذلها واشنطن لـ”التعامل الأمثل” مع تصاعد هذه الهجمات؛ كما اعتبرت أن الاعتبار الثالث هو إدارك القيادة الإسرائيلية أن العملية البرية ستستغرق وقتا، وينبغي الشروع فيها بعد الوصول إلى ظروف عملياتية مثالية.
وفي هذه الأثناء، أصدر العضو في الكابينيت الإسرائيلي ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بيانا مقتضبا جاء فيه أن “أي موافقة على إدخال مساعدات مستدامة لقطاع غزة دون إطلاق سراح كافة المختطفين (الأسرى المدنيين لدى فصائل المقاومة) هو استمرار للأفكار والمفاهيم التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم. (إجراء) إنساني فقط مقابل إطلاق سراح جميع المختطفين!”.
بدورها، أشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى سببين مركزيين، يتمثل الأول بإعطاء الفرصة للجهود التي تبذل في محاولة للتوصل إلى اتفاق للإفراج عن أسرى لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، في حين أن الاعتبار الثاني يتمثل بـ”استكمال استعداد القوات بما في ذلك محاولة الحصول على أكبر قدر من المعلومات الاستخباراتية” عن الأوضاع داخل قطاع غزة.
ولبحث كل هذه الاعتبارات يعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، جلسة لكابينيت الحرب الإسرائيلي المصغر، بمشاركة وزير الأمن، يوآف غالانت، ووزير الأمن السابق، بيني غانتس، لإجراء المزيد من المباحثات حول تطور الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.
ولفتت القناة 12 إلى أن نتنياهو يجري مشاورات أمنية متنوعة حتى مع شخصيات أمنية لا تشارك في المنتديات الأمنية المعتمدة، بما في ذلك كابينيت الحرب، والكابينيت الموسع، ونقلت القناة عن نتنياهو قوله: “نحن بحاجة إلى كسب الوقت، حماس لم تخطط للهجوم فحسب، بل خططت للدفاع أيضًا. الدخول الآن سيكون في مصلحة حماس”.
وخلال حديث له مع الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك، نصحه الأخير بـ”تركيز القصف الجوي المكثف والقبضة الإنسانية الخانقة على القطاع”، معتبرا أن “الاجتباح البري يحمل في طياته خطر حرب إقليمية، وبالتالي من الضروري الاستعداد له سواء على مستوى جاهزية الجيش الإسرائيلي أو على مستوى الجبهة الداخلية”.
وفي وقت سابق، الأحد، أعلن وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، أن الحرب البرية المرتقبة في قطاع غزة، “قد تستغرق شهورًا”، وذلك خلال مشاركته في جلسة لقيادة عمليات سلاح الجو، قرب الحدود مع قطاع غزة. وقال غالانت: “لا يوجد شيء يمكن أن يوقف الجيش، إنّ الجانب العملياتي للمناورة مزيج من شيئين: الأول، القدرة الجوية والآخر، الحرب البرية”.
وأضاف: “الحرب البرية في غزة يجب أنّ تكون الأخيرة هناك، لسبب بسيط هو أنه لن تكون هناك حماس بعدها”. وتابع: “الأمر سيستغرق شهرًا، شهرين، ثلاثة، ولكن في النهاية لن تكون هناك حماس”. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يكثف هجماته الجوية على قطاع غزة بهدف “تقليل التهديدات التي قد تواجه قواتنا، استعدادا للمرحلة التالية من الحرب”، في إشارة إلى حرب برية.وأضاف: “الحرب البرية في غزة يجب أنّ تكون الأخيرة هناك، لسبب بسيط هو أنه لن تكون هناك حماس بعدها”. وتابع: “الأمر سيستغرق شهرًا، شهرين، ثلاثة، ولكن في النهاية لن تكون هناك حماس”. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يكثف هجماته الجوية على قطاع غزة بهدف “تقليل التهديدات التي قد تواجه قواتنا، استعدادا للمرحلة التالية من الحرب”، في إشارة إلى حرب برية.
ومساء الأحد، أجرى بايدن محادثات هاتفية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، وقد توافقا بعد دخول قافلة ثانية من المساعدات الإنسانية إلى غزة من مصر على أن هذه المساعدات “ستستمر بالتدفق”، وفق بيان للبيت الأبيض. وجاء في البيان أن بايدن ونتنياهو أكدا خلال محادثات هاتفية أن “هذه المساعدات الحيوية ستستمر بالتدفق إلى غزة”.
تحرير: محمود مجادلة
نقلا عن موقع عرب 48