المشاركة السياسية للنساء في فلسطين: التشريعات المحلّية والممارسة الفعلية

TR7 أبريل 2021آخر تحديث :
المشاركة السياسية للنساء في فلسطين: التشريعات المحلّية والممارسة الفعلية

بتول مفرح

باحثة قانونية ومنسقة مشروع حول أجندة المرأة والأمن والسلام – الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية

مقدمة:

تشكل المشاركة السياسية إحدى أهم المؤشرات التي تدل على مجتمع ديموقراطي، وتعد إحدى المؤثرات المهمة التي تقوم بتشكيل المنظومة السياسية في أي مجتمع، ورغم أن المشاركة السياسية هي جزءٌ لا يتجزأ من المجتمعات، إلا أن هناك تباين فيها سواء إذا كانت المقارنة بين مجتمعات مختلفة أو بين فئات مختلفة داخل المجتمع الواحد، بحيث نراها على مستوى أقل في النظم الديكتاتورية، وعالية المستوى في النظم المبنية على أسس ديموقراطية. إضافة إلى ذلك، من الممكن أن تتباين المشاركة السياسية داخل المجتمع الواحد بناء على مقيدات قد تكون ثقافية اجتماعية أو سياسية أو قانونية، فماذا يعني مفهوم المشاركة السياسية؟

من الصعب وضع تعريف شامل وموحد لمفهوم المشاركة السياسية، بعض التعريفات كانت ضيقة جداً في تحديد ما يشتمل عليه المصطلح، وبعض التعريفات فضفاضة نوعاً ما. ولكن، أغلب التعريفات لمصطلح المشاركة السياسية تتركز على المشاركة بشكل طوعي في الانتخابات، سواء بالترشح أو الانتخاب، بالإضافة إلى المشاركة في عضوية الأحزاب السياسية.[1]

تعد المشاركة السياسية أحد أهم المحاور التي يقوم عليها المجتمع الفلسطيني ككل، وإحدى أهم القضايا التي ناضلت من أجلها المرأة الفلسطينية عبر الزمن سواء أكان على المستوى المحلي أو الدولي، وتركزت جهود المرأة الفلسطينية على الاشتراك في الانتخابات سواء بالترشح أو الانتخاب بالإضافة إلى المطالبة بتمثيل نسوي في الأحزاب السياسية، وبتولي مناصب رفيعة تُعنى بصنع القرار. تستكمل المرأة الفلسطينية جهودها الحثيثة حالياَ بعد الإعلان عن الانتخابات العامة الفلسطينية، وذلك بعد أن أصدر الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس مرسوماَ رئاسياَ بتاريخ 15 كانون الثاني من العام 2021، نص على عقد الانتخابات العامة، على أن يجري الاقتراع للانتخابات التشريعية يوم 22 أيار والرئاسية يوم 31 تموز 2021.[2] وسبق المرسوم الرئاسي الذي يدعو لعقد انتخابات فلسطينية عامة تعديلات على قانون الانتخابات الساري من خلال قرار بقانون صدر عن الرئيس محمود عباس، وذلك بتاريخ 11 كانون الثاني من العام 2021.[3]

فما هو أثر التشريعات الفلسطينية على المشاركة السياسية للمرأة في الانتخابات المقبلة؟ وما هو الأثر الذي أحدثته التعديلات السابقة والحالية على القوانين الخاصة بالانتخابات على مشاركة المرأة الفلسطينية في العملية الانتخابية؟ وهل تتوافق هذه القوانين مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003 وتعديلاته؟ وهل تتوافق القوانين الفلسطينية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟

لتوضيح التساؤلات السابقة، سوف يتم تقسيم الورقة البحثية كالتالي:

المبحث الأول: التشريعات التي تحكم العملية الانتخابية وتأثيرها على إشراك المرأة الفلسطينية:

أولاَ: القانون الأساسي المعدل للعام 2003 وتعديلاته في العام 2005

ثانياً: مراحل تطور قانون الانتخابات العامة الفلسطيني وتأثيرها على المشاركة السياسية للنساء

المبحث الثاني: الممارسة الفعلية للنساء في الانتخابات العامة للعام 2021:

أولاً: مشاركة النساء عن طريق التسجيل في السجل الانتخابي

ثانياً: مشاركة النساء عن طريق الترشح في القوائم الانتخابية

التوصيات الختامية

المبحث الأول: التشريعات التي تحكم العملية الانتخابية وتأثيرها على إشراك المرأة الفلسطينية:

يعتبر حقّي الترشح والانتخاب اثنين من أهم الحقوق السياسية التي كفلتها التشريعات الفلسطينية والقانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003 وتعديلاته في العام 2005. في هذا المبحث سوف يتم استعراض القوانين الفلسطينية التي نظمت كل ما يخص العملية الانتخابية في السابق بالإضافة إلى القوانين الجديدة والتعديلات عبر قرارات بقانون الصادرة عن رئيس الدولة.

أولاَ: القانون الأساسي المعدل للعام 2003 وتعديلاته في العام 2005

يعد القانون الأساسي المعدل للعام 2003 وتعديلاته بمثابة الدستور الفلسطيني للمرحلة الانتقالية، والذي بالتالي يشكل أعلى مصدر للتشريع على مستوى الدولة، وعليه يستوجب أن تتوافق القوانين والأنظمة التي تلي في الهرم القانوني مع القانون الأساسي وألا تتعارض معه. نظم القانون الأساسي العديد من المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات، ومنها الحق بالمشاركة السياسية، حيث نص في المادة (26) منه على أن: “للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية:

 1-تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقاً للقانون.

 2-تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقاً للقانون.

 3-التصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقاً للقانون.

 4-تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص.

 5-عقد الاجتماعات الخاصة دون حضور أفراد الشرطة، وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون.”[4]

لم تأتِ المادة (26) بتخصيص للمرأة فيما يتعلق بحقها بالمشاركة السياسية وضرورة المساواة بين كلا الجنسين، وإنما تحدثت المادة بالعموم عن الحق بالمشاركة السياسية للفرد الفلسطيني بغض النظر عن جنسه. ومع ذلك، فإن المادة (9) من القانون الأساسي المعدل نصت على أن: “الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة”، إضافة إلى أن الديباجة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من القانون الأساسي قد أكدت على أهمية تحقيق العدالة والمساواة للجميع، حيث نصت الديباجة على أن القانون الأساسي “اشتمل في أبوابه على مجموعة من القواعد والأصول الدستورية المتطـورة، سواء فيما يتصل بضمان الحقوق والحريات العامة والشخصية على اختلافها بما يحقق العدل والمساواة للجميع دون تمييز“. وعليه، ورغم عدم خوض المادة (26) من القانوني الأساسي بالخصوصيات، وضرورة معاملة المرأة والرجل على قدم المساواة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، إلا أن القانون الأساسي قد أكد على مبادئ العدل والمساواة بشكل واضح.

ثانياً: مراحل تطور قانون الانتخابات العامة الفلسطيني وتأثيرها على المشاركة السياسية للنساء

  • قانون رقم (13) لعام 1995 وتعديلاته – أول انتخابات عامة فلسطينية: أُجريت أول انتخابات عامة في فلسطين عام 1996 لانتخاب رئيس السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني،[5] والتي نظمها قانون رقم (13) لعام 1995 وتعديلاته، واعتمد القانون نظام الترشح الفردي والانتخاب بحسب عدد مرشحي الدائرة.[6]

وبناء على التقارير الانتخابية، فإن نسبة مشاركة المرأة كانت عالية جداً سواء أكان ذلك بالتصويت أو الترشح، فمثلاً بلغ عدد النساء المسجلات في السجل الانتخابي 495,839 أنثى مقابل 517،396 ذكر من إجمالي 1,031,235، أي 48% تقريباً حسب إحصائيات السابع والعشرون من كانون الأول للعام 1995.[7] رغم التفاعل النسوي الملحوظ في الانتخابات الأولى، إلا أن النساء اللاتي فزن في الانتخابات التشريعية هن خمس نساء فقط: حنان عشراوي، دلال سلامة، جميلة صيدم، انتصار الوزير، وراوية الشوا.[8] فيما ترشحت امرأة واحدة فقط لمنصب رئاسة السلطة الوطنية، وهي السيدة سميحة خليل، والتي كانت أول امرأة عربية تترشح لمنصب الرئاسة، رغم عدم فوزها.[9]

 يعود سبب التمثيل النسوي القليل في الانتخابات العامة الأولى سواء أكان في القوائم الانتخابية أو في النتيجة الانتخابية، إلى أن القانون السالف لم يأتِ بتخصيص معين لتمثيل النساء، بالإضافة إلى هيمنة النظام الأبوي في المجتمع الفلسطيني الذي لم يكن يتقبل وجود المرأة في مراكز سياسية كبيرة تُعنى بصنع القرار، وإلى العادات والتقاليد التي لها تأثير كبير على المجتمع الذي بُني على صور نمطية حول المرأة ومهامها، إضافة إلى أن الأحزاب المشاركة في ذاك الوقت لم تحمل تمثيلاً عالياً للمرأة، حيث كان الحزب الذي يحوي أكبر نسبة تمثيل للنساء هو فدا والذي كانت النساء تشكل 18% منه.[10]

 ومن هنا، بدأ الحراك النسوي يتجه نحو ضرورة إشراك المرأة بشكل فعّال، وما زاد اشتعال فتيل الحراك النسوي هو استثناء النساء من المشاركة في انتخابات المجالس المحلية ومجالس الحكم القروي، على الرغم من صدور تعميم غير ملزم من السيد صائب عريقات بصفته وزير الحكم المحلي في ذلك الوقت، يقضي بتعيين امرأة واحدة على الأقل في المجالس المحلية والبلدية، لذلك قامت الحركات النسوية بأول خطوة للمطالبة بكوتا تنظم التمثيل النسوي في العملية الانتخابية في المجالس والهيئات المحلية وذلك قبل موعد الانتخابات المحلية في العام 2004-2005،[11] حيث طالبت الحركات النسوية بتعديل قانون رقم (5) لسنة 1996 الذي ينظم الانتخابات على مستوى المجالس والهيئات المحلية، وطالبت بتبني كوتا تمثيل حد أدنى للمرأة بنسبة %30، الأمر الذي قوبل بالرفض، ولكن أقر المجلس التشريعي لاحقاً تعديلاً بتخصيص كوتا بنسبة 20% للنساء.[12] ومع ذلك، إلا أنه لم يكن هناك أي تعديل لتضمين كوتا نسائية في الانتخابات العامة (الانتخابات التشريعية والرئاسية). ومن هنا، كانت بداية الحراك النسوي بالتوجه نحو المطالبة بكوتا لتمثيل المرأة في الانتخابات العامة.

  • قانون رقم (9) للعام 2005 – ثاني انتخابات عامة فلسطينية:

 أجريت الانتخابات الفلسطينية الرئاسية الثانية في كانون الثاني من العام 2005 استناداً إلى قانون رقم (13) للعام 1995 والقانون رقم (16) للعام 1995 بشأن تعديلات بعض أحكام قانون الانتخابات رقم (13) للعام 1995، ولحقتها الانتخابات التشريعية بتاريخ 25 كانون الثاني للعام 2006 طبقا لقانون رقم (9) للعام 2005،[13] وذلك عن عبر مرسوم رئاسي صدر عن رئيس السلطة الوطنية المؤقت روحي فتوح في تشرين الثاني من العام 2004 بعد وفاة الرئيس السابق ياسر عرفات.[14]

 بلغ عدد من أعلنوا عن نيتهم للترشح للمنافسة على منصب الرئاسة 10 أشخاص، منهم امرأة واحدة وهي الصحفية ماجدة البطش،[15] والتي صرحت بأن هناك أشخاص عبروا عن رفضهم لفكرة ترشحها، ذلك لأنهم لا يؤيدون تولي المرأة لمنصب الرئاسة،[16] وقد رفضت لجنة الانتخابات المركزية طلبها لتجاوزها فترة الترشح.

بعد حوالي 6 أشهر من انتهاء الانتخابات الرئاسية وقبل عقد الانتخابات التشريعية، صدر قانون رقم (9) لسنة 2005 بشأن الانتخابات العامة، حيث ألغى القانون رقم (13) لسنة 1995 بشأن الانتخابات، ونص على زيادة عدد مقاعد المجلس التشريعي من 88 إلى 132 مقعداً، واعتمد على نظام انتخابي مختلط،[17] وأهم ما أضافه القانون بالنسبة لمشاركة المرأة السياسية هو أنه ضمن حداً أدنى لتمثيل المرأة في القوائم الانتخابية،[18] حيث نص القانون على أنه: “يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية (القوائم) حدا أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من:

1. الأسماء الثلاثة الأولى في القائمة،

2. الأربعة أسماء التي تلي ذلك،

3. كل خمسة أسماء تلي ذلك.”

وعليه، فإن المشرع قد وضع حد أدنى يضمن مشاركة المرأة في القوائم الانتخابية فقط، والذي يتمثل بحوالي 20%، حيث تم تشكيل المجلس التشريعي بعد انتهاء الانتخابات بعضوية 17 امرأة، أي بنسبة أقل من 13% من المجلس التشريعي، ويعود سبب النسبة المتدنية للوجود النسوي الفعلي في المجلس إلى أنه قد تقرر بموجب قانون الانتخابات رقم (9) للعام 2005 أن يتم اعتماد نظام الانتخابات المختلط، والذي يقوم على انتخاب نصف أعضاء المجلس التشريعي أي 66 عضواً وفق نظام الأغلبية النسبية (الدوائر)، بينما يتم انتخاب الـ 66 عضواً الآخرين وفق نظام التمثيل النسبي (القوائم).[19] وعليه، فإن نسبة الحد الأدنى الفعلي للتمثيل النسوي في المجلس التشريعي وفقا للقانون هي أقل من 7% من إجمالي مجموع المقاعد. [20]

 بعد العملية الانتخابية العامة الثانية، استمرت جهود الحركات النسوية من أجل زيادة مشاركة المرأة السياسية وبذلت العديد من مؤسسات المجتمع المدني النسوية طاقاتها من أجل زيادة تمثيل المرأة والضغط نحو تبني كوتا 30% كحد أدنى في الانتخابات العامة.

  • قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة:

بعد توليه منصب رئيس الحكومة الفلسطينية في الانتخابات الرئاسية للعام 2005، وعلى إثر تعطيل عمل المجلس التشريعي في تموز2007 نتيجة الانقسام السياسي إثر صراع دامي نشب بين حركتي فتح وحماس، قام الرئيس محمود عباس بإصدار قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، مستنداً إلى الصلاحية الممنوحة له في المادة (43) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، والتي نصّت على أنه: “لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون.”

 أبزر ما جاء في القرار بقانون والذي يعتبر تقدماً في إشراك المرأة في العملية الانتخابية أمران، الأول: اعتماد مبدأ التمثيل النسبي الكامل في انتخابات المجلس التشريعي (نظام القوائم) باعتبار الأراضي الفلسطينية دائرة انتخابية واحدة،[21] وثانياً: تبنى القرار بقانون معظم بنود قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005، ومن هذه البنود المادة التي فرضت الحد الأدنى لتمثيل المرأة في القوائم الانتخابية دون تعديل عليها، من الصحيح أن القرار بقانون تبنى نص المادة دون تغيير والتي تؤكد على ضرورة وجود المرأة بنسبة حوالي 20 % في القوائم الانتخابية، إلا أن القرار قد عدل النظام الانتخابي، بحيث لم يعد النظام المختلط هو المتعمد، وإنما نظام القوائم هو الذي ينظم العملية الانتخابية، وبالتالي نسبة مشاركة المرأة كانت سوف تكون أعلى بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، إلا أنه لم تجرى أي انتخابات عامة بعد إصدار هذا القرار بقانون.

  • قرار بقانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن تعديل قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة – ثالث انتخابات عامة:

أصدر الرئيس محمود عباس قرار بقانون بتاريخ 11 كانون الثاني للعام 2021، وتلا ذلك مرسوم رئاسي في 15 من الشهر ذاته بالدعوة لإجراء الانتخابات العامة (التشريعية والرئاسية) وللمجلس الوطني. واشتملت التعديلات التي نص عليها القرار بقانون على تغييرات في الإطار الإجرائي، وتعديلات متعلقة بالأشخاص الذين يحق لهم الترشح في سباق الانتخابات التشريعية والرئاسية.[22] أما بالنسبة للتعديلات على مستوى مشاركة المرأة فإن القانون أتى لكي يمنح المرأة تعديلاً يحسن من مشاركتها السياسية، حيث نص القرار بقانون على أنه: ” تلغى الفقرة (3) من المادة (5) من القانون الأصلي، وتعدل الفقرة (2) من ذات المادة، لتصبح على النحو التالي: 2. كل أربعة أسماء تلي ذلك.” وعليه، فإن القرار بقانون أتى لكي يرفع مشاركة النساء في القوائم الانتخابية في الانتخابات التشريعية من حوالي 20% إلى حوالي 26%. وتبنى القرار بقانون نظام التمثيل النسبي (قوائم)، مما يعني أن هناك فرص للنساء الفلسطينيات في الانتخابات القادمة أفضل من الفرص التي كانت في الانتخابات السابقة.

ورغم رفع القانون لنسبة المشاركة السياسية للمرأة، إلا أنه يواجه العديد من الانتقادات:

أولاً: كما ذكر في الورقة البحثية سابقاً، فإن القانون الأساسي المعدل أتى في ديباجته والمادة (9) منه ليؤكد على مبدأ المساواة بين الأفراد دون تمييز، دون أن يحدد الآليات التي تضمن هذه المساواة. وتبين من خلال النظر في القوانين السابقة التي نظمت العملية الانتخابية والقانون الحالي، أنه وفي مرحلة معينة، بدأ المشرع يأخذ بعين الاعتبار آلية الكوتا في عملية المشاركة السياسية هادفاً إلى تحقيق مبدأ المساواة والعدالة التي نص عليها القانون الأساسي المعدل. ولكن هل كوتا 26 % تلبي حقاً ما نص عليه القانون الأساسي المعدل من تأكيد على المساواة بين الأفراد؟

هناك العديد ممن يرون بأن كوتا الحد الأدنى للتمثيل النسوي بنسبة 26% من القوائم الانتخابية تتعارض مع القانون الأساسي بأنها لا ترقى بأن تصل إلى أعتاب المساواة، بحيث يرى أصحاب هذا الرأي أن كوتا الحد الأدنى للتمثيل النسائي في القوائم الانتخابية بنسبة 26% لا تحقق المساواة نظراً لأنهم يرون مفهوم المساواة في حالة المرأة الفلسطينية يستوجب المناصفة، أي أنه وبناء على تركيبة المجتمع، فإن النساء الفلسطينيات يشكلن حوالي 49% من المجتمع الفلسطيني وفقاً لما نشره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2019،[23] وعليه ومن منظورهم فإنه لتحقيق مبدأ المساواة الذي أكد عليه القانون الأساسي  يجب أن يتم تمثيل النساء بنسبة 49%.

ثانياً: إن المادة رقم (5) من القرار بقانون رقم (1) للعام 2007 مع التعديلات التي أضافها القرار بقانون رقم (1) للعام 2021 تضمن المشاركة في الترشح، أي الوجود النسوي في القوائم الانتخابية، ولا تضمن الوجود النسوي في النتيجة الانتخابية، بحيث أن ترتيب التمثيل النسوي في القوائم الذي يكفل وجود امرأة بين أول ثلاث أسماء في القائمة ومن ثم امرأة في كل أربع أسماء تلي ذلك، لا يضمن فعلاً وصول المرأة لعضوية المجلس التشريعي، وذلك لأنه فرضاً أن حازت إحدى القوائم على مقعدين فقط، فإن هذه القائمة لن تفز فيها امرأة في حال كان ترتيب المرأة المترشحة هو الثالثة، وعلى فرض أن  حصلت كل من القوائم الانتخابية المترشحة على مقعدين فقط وكان ترتيب النساء في كل قائمة هو رقم 3، فإن المرأة لن يكن لها وجود داخل المجلس التشريعي،[24] رغم أن الاحتمال الثاني لن يحصل نظراً لعدد القوائم المتقدمة للترشح. عدا عن هذا، فإن التعديل الذي جاء به القرار بقانون بشأن التمثيل النسوي في القوائم الانتخابية يحمل تأثيراً على القوائم التي سوف تحصل على 7 مقاعد فما فوق، أما القوائم التي ستحصل على أقل من 7 مقاعد، فإنها لن تستفيد من التعديلات التي جاء بها القرار بقانون في حال كانت هذه القوائم التزمت بالحد الأدنى للتمثيل النسائي وفق القرار بقانون رقم 1 للعام 2021 دون زيادة.  

ثالثاً: في قرار للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته (27) في العام 2015، نصّ البند التاسع على أنه: “يؤكد المجلس المركزي على ضرورة تحقيق المساواة الكاملة للمرأة، وتعزيز مشاركتها في كافة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وألا تقل نسبة مشاركتها في هذه المؤسسات عن 30%.”[25] رغم أن القرار الصادر هو مجرد قرار ولا يرقى لأن يتمتع بقيمة القانون من حيث الإلزامية ورغم أن المجلس المركزي لا يملك صلاحيات إصدار قوانين أصلاً، إلا أن هناك تناقض واضح بين أجهزة الدولة ككل فيما يتعلق بموضوع المرأة ومشاركتها، ويتضح هذا التعارض في القرار بقانون رقم (1) للعام 2021 الذي صدر عن الرئيس محمود عباس والذي لم يعتمد ما جاء في قرار المجلس المركزي بما يتعلق بتمثيل المرأة، وإنما تم تخفيض الحد الأدنى للتمثيل النسوي إلى حوالي 26%.

رابعاً: إن القرار بقانون رقم (1) للعام 2021 لم يوضح تبني خطة واضحة لزيادة إدماج المرأة في صنع القرار السياسي، عدا عن أن الإجراءات التي يحملها القرار بقانون توضح دمج المرأة في الانتخابات التشريعية دون أن يحمل أي تغيير أو إجراء يضمن مشاركة المرأة في الانتخابات الرئاسية على قدم المساواة مع الرجل.

خامساً: لم يعدل القرار بقانون رقم (1) للعام 2021 السن الخاص بالترشح لمنصب الرئاسة وعضوية المجلس التشريعي، حيث أبقى على ما أتى به القرار بقانون للعام 2007 والذي نص على ألا يقل سن المترشح للرئاسة عن 40 سنة، و28 سنة للمجلس التشريعي، علماً أن سن الشباب المحدد في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني هو ما بين 18 عاماً و 29 عام.[26]  ووفقاً لهذا التعديل، لن يستطيع أكثر من 1.815 مليون فلسطيني ممن يحق لهم الاقتراع الترشح لمنصب الرئيس، أي حوالي 63%، فيما لا يستطيع 880 ألفًا المنافسة على مقاعد التشريعي أي حوالي 31%،[27] علماً أن الشابات يشكلن أقل من النصف بقليل من إجمالي فئة الشباب.

 بناء على مقابلة أجريت مع الأستاذة ريما نزال عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، فإنها ترجح سبب عدم وجود تقدم بالقوانين فيما يتعلق بمشاركة الشباب، إلى عدم وجود أداة توحد الجهد الشبابي، علاوة على أن قطاع الشباب يهب بمطالبه بشكل موسمي ومتقطع، أي عند الإعلان عن الانتخابات فقط دون استمرارية في حملات المطالبة في زيادة التمثيل الشبابي، بحيث لو تم مقارنة حملات المطالبة برفع التمثيل النسوي بالانتخابات مع حملات المطالبة برفع التمثيل الشبابي، فإننا نجد الحملات النسوية تبقى مستمرة دون انقطاع، بعكس الحملات الشبابية التي عادة ما تأتي في وقت الإعلان عن الانتخابات والتي تتوقف فور انتهاء الحالة.[28] وعليه، فإن مشاركة الشابات في الانتخابات القادمة سوف تنحصر بالانتخاب والترشح ضمن القوائم الانتخابية للانتخابات التشريعية لمن هن يبلغن من العمر 28 أو 29 سنة، وسوف تكون نسبة ترشحهن للرئاسة معدومة.

سابعاً: من الجدير بالذكر أن هناك ما يميز قرار بقانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن تعديل قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات عن غيره من باقي القوانين والقرارات بقوانين الخاصة بالانتخابات العامة السابقة، وهذا الاختلاف يتركز بكون دولة فلسطين قد وقعت على جملة اتفاقيات دولية تستوجب ضرورة موائمة القوانين الفلسطينية المحلية مع متطلباتها، حيث تم التوقيع على 7 اتفاقيات أساسية لحقوق الإنسان في العام 2014 من قبل دولة فلسطين.[29] من الجدير بالذكر أنه وعقب انضمام دولة فلسطين لجملة من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، تم تشكيل لجنة موائمة تشريعات في العام 2017  بقرار من وزير الخارجية والمغتربين بصفته رئيس اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة انضمام دولة فلسطين للمعاهدات الدولية، تترأسها وزارة العدل وتضم بعضويتها المؤسسات الحكومية المختصة ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، تختص بمواءمة التشريعات والقوانين المحلية المعمول بها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان بشكل عام.[30]

من بين الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان التي انضمت لها دولة فلسطين اتفاقيتين تضمن المشاركة السياسية كحق، وهما: أولاً، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على حق المشاركة السياسية دون تمييز على وجه العموم، بحيث نص العهد الدولي  في المادة (25) منه على أنه: “يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2،[31] الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: … (ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين…”، وثانياً: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة  والتي اشتملت على بنود تخص المشاركة السياسية للمرأة على وجه الخصوص.

أكدت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الديباجة على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة وأكدت على ما أتى في ميثاق الأمم المتحدة الذي حث على أن للرجل والمرأة حقوق متساوية، وعلى ما ورد في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وعلى مبدأ عدم جواز التمييز. كما نصت الاتفاقية في المادة (3) على أنه “تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل”، وتنص المادة (4) فرع 1 من ذات الاتفاقية على أنه ” لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.” أيضاً أتت المادة (7) تؤكد على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة في المشاركة السياسية حيث نصت على أنه: “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل الحق في: (أ) التصويت في جميع الانتخابات لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام…”. يتضح من المواد السابقة، أن هناك التزاماً إيجابياً يقع على عاتق الدول الموقعة على الاتفاقية، تلتزم الدول الموقعة بموجبه بالقيام بكافة التدابير اللازمة من أجل كفالة تمتع المرأة بحقوقها على قدم المساواة مع الرجل دون تمييز، سواء أكانت هذه التدابير تتعلق بالجانب الاجتماعي، أو التشريعي، أو الاقتصادي، أو السياسي.

بالرجوع إلى قرار بقانون رقم (1) للعام 2021 بشأن الانتخابات العامة، نرى أن دولة فلسطين قد قامت فعلاً باتخاذ إجراء تشريعي من أجل دعم المساواة ما بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، وذلك عن طريق فرض كوتا تضمن الحد الأدنى لمشاركة المرأة في الانتخابات، على أن تعامل الكوتا كأحد الإجراءات المؤقتة التي اتخذتها دولة فلسطين من أجل ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في المشاركة السياسية، ولكن يبقى هذا الإجراء غير كافٍ خاصة وأن لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة قد أوصت دولة فلسطين في ملاحظاتها الختامية الخاصة بالتقرير الأولي الذي قدمته دولة فلسطين للجنة الاتفاقية بعد انضمامها، بضرورة زيادة تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% من مجموع المرشحين في الانتخابات وضرورة ضمان التنفيذ من خلال إنشاء آلية رصد لضمان الامتثال للحصة. [32]

بعد استعراض التغييرات القانونية التي مر بها القانون الذي يحكم عملية الانتخابات العامة في فلسطين، لا بد من استعراض الأثر الذي أحدثه التغيير القانون على المشاركة الفعلية للمرأة في الانتخابات العامة، وعلى وجه الخصوص الانتخابات الرئاسية والتشريعي للعام 2021.

المبحث الثاني: الممارسة الفعلية للنساء في الانتخابات العامة للعام 2021:

لتوضيح الممارسة الفعلية للنساء بما فيه الشابات، هذا المبحث يدرس السجل الانتخابي من حيث الإحصاءات وعدد الأفراد الإناث المسجلات في السجل الانتخابي مقابل عدد الذكور، إضافة إلى عدد الإناث في القوائم الانتخابية وترتيبهم داخل القوائم الخاصة بالانتخابات التشريعية.[33]

أولاً: مشاركة النساء عن طريق التسجيل في السجل الانتخابي

وفقا لإحصائيات نشرتها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، فإن عدد الناخبين المسجلين في السجل هو 2,546,449 ناخب/ة، بحيث أن عدد الذكور يبلغ 1،299,888 ناخب أي بنسبة 51.05% من عدد الناخبين المسجلين. بينما بلغ عدد الأفراد الإناث 1,246,561 أي بنسبة 48.95% من عدد الناخبين المسجلين.[34] وكانت أعلى نسبة تسجيل للنساء في محافظة رفح بحيث بلغت 50% من المسجلين، والأدنى في محافظة القدس بنسبة 47.6% من المسجلين.[35] وبالتالي، وفقاً للمعطيات فإن المشاركة النسائية في السجل الانتخابي عالية. 

ثانياً: مشاركة النساء عن طريق الترشح في القوائم الانتخابية

بعد تسكير باب التسجيل أمام القوائم الانتخابية للانتخابات التشريعية قامت لجنة الانتخابات المركزية في تاريخ 6/4/2021 بالإعلان عن القوائم الانتخابية المسجلة بشكل رسمي، والتي يبلغ عددها 36 قائمة، حيث أن 7 منها قوائم حزبية و29 قائمة مستقلة. وبلغ عدد المرشحين في القوائم 1389 مرشح/ة من بينهم 405 امرأة، بحيث شكلت النساء 29% من مجموع المرشحين الكلي.[36]

وبناء على ذلك، هذا الجزء من البحث يحلل ست قوائم انتخابية للبحث في مدى إلتزام هذه القوائم في إشراك المرأة، بحيث سوف يتم تحديد ذلك بناء على مؤشرين:

المؤشر الأول: عدد النساء بالقائمة وما إذا كانت القوائم التزمت بالحد الأدنى فقط أو أنه كان هناك زيادة عن الحد الأدنى.

المؤشر الثاني: ترتيب النساء داخل القوائم، بحيث يؤثر ذلك على مشاركة النساء عند البدء بتوزيع المقاعد التي فازت بها كل قائمة.

تحليل القوائم:

1. قائمة فتح: تتكون قائمة حركة فتح من 132 مترشح/ة بينهم 34 امرأة، بحيث شكلت النساء تقريباً 26% من القائمة، وأتى ترتيب النساء داخل القائمة على النحو التالي: 2، 5، 9، 13، 18، 23، 29، 34، 38، 41، 46، 50، 55، 58، 61، 65، 69، 72، 79، 82، 86، 88، 93، 95، 96، 102، 106، 108، 112، 118، 124، 129.

2. قائمة القدس موعدنا: تتكون قائمة القدس موعدنا، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية – حماس، من 131 مترشح/ة، بينهم 33 امرأة، بحيث شكلت النساء تقريباً 26% من القائمة، وأتى ترتيب النساء داخل القائمة كالتالي: 3، 7، 11، 14، 18، 22، 26، 30، 34، 38، 42، 46، 51، 54، 58، 62، 66، 70، 74، 78، 82، 86، 90، 94، 89، 102، 106، 110، 114، 118، 122، 126، 130.

3. قائمة معاً قادرون: تتكون قائمة معاً قادرون، وهي قائمة مستقلة، من 51 مترشح/ة بينهم 16 امرأة، بحيث شكلت النساء 32% من القائمة. وأتى ترتيب النساء داخل القائمة كالتالي: 4،3، 6، 11، 15، 19، 21، 26، 28، 31، 35، 37، 39، 40، 45، 48.

4. قائمة الحرية: تتكون قائمة الحرية، وهي قائمة مستقلة، من 56 مترشح/ة بينهم 16 امرأة بحيث شكلت النساء تقريبا 30% من القائمة. وأتى ترتيب النساء داخل القائمة كالتالي: 2، 6، 11، 14، 18، 22، 24، 28، 32، 36، 40، 44، 48، 51، 55.

5. قائمة نبض الشعب: تتكون قائمة نبض الشعب التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من 65 مترشح/ة من بينهم 19 امرأة، بحيث شكلت النساء تقريباً 29%. وأتى ترتيب النساء داخل القائمة على النحو التالي: 2، 5، 6، 11، 15، 18، 22، 27، 30، 34، 38، 40، 43، 47، 51، 54، 58، 62، 64.

6. قائمة اليسار الموحد: تتكون قائمة اليسار الموحد، وهي قائمة ائتلاف حزبي، من 75 مرشح/ة، من بينهم 24 امرأة بحيث شكلت النساء 32%. وأتى ترتيب النساء داخل القائمة كالتالي: 1، 5، 7، 11، 12،13، 17، 18، 23، 25، 28، 33، 36، 40، 41، 45، 47، 50، 53، 57، 63، 67، 68، 73. ومن الجدير بالذكر أنه ومن خلال البحث في كافة القوائم الانتخابية المسجلة، فإن قائمة اليسار الموحد هي الوحيدة التي احتلت فيها مترشحة أنثى رقم 1 في الترتيب.

وعليه، من الجدير بالذكر، بأن القوائم الستة التي تم تحليلها فإنه كان هناك زيادة عن الحد الأدنى لتمثيل المرأة داخل القوائم في بعض الأحيان، ولكن من المآخذ على القوائم هو أن ترتيب المرأة داخل القوائم كان في معظم الأحيان متأخراً، أي أن المرأة لم تأتي رقم 1 إلا في قائمة واحدة، وفي أغلب الأحيان لم تأتي الأولى في كل أربع أسماء تلي أول ثلاثة أسماء.

الخلاصة والتوصيات:

ومن هنا، فإنه وبعد البحث المكثف في موضوع مشاركة المرأة في الانتخابات العامة، تبين أن المشرع قد قام باتخاذ إجراءات لتحسين مشاركة المرأة السياسية في عدة مرات، ولكن كانت هذه الإجراءات تحمل تحسين تدريجي بطئ جداً، عدا عن أنها إجراءات ليست ذات فعالية عالية، بحيث كان اخر اجراء هو اشراك المرأة بنسبة حوالي 26% في القوائم الانتخابية، أي ما لا يتجاوز 15% من الوصول الفعلي الى المجلس التشريعي، نظراً لأن القرار بقانون الذي نص على الاجراء ضمن الاشراك في الترشح ولم يضمن النتيجة.[37] بناء على المعلومات المتقدمة، فإن زيادة تمثيل المرأة في القوائم الانتخابية هو أمر حتماً إيجابي، ولكن غير كافٍ، وعليه توصي الباحثة بـ:

أولاً: على المشرع أن يتبنى خطة واضحة لإدماج النساء في العملية الانتخابية خاصة وأننا على أعتاب تشكيل مجلس تشريعي جديد، وعليه، نأمل أن يتم العمل على خطة وطنية واضحة وملزمة لتنفيذ أجندة إشراك المرأة الفعلي سواء أكان على صعيد الإشراك السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي.

ثانياً: ضرورة تعديل القرار بقانون رقم (1) للعام 2021، على أن يضمن مشاركة أعلى للنساء وعلى أن يضمن النتيجة الانتخابية وليس فقط وجود المرأة في قوائم الترشح، وذلك عن طريق فرض حد أدنى للتمثيل النسوي داخل المجلس التشريعي، وليس القوائم الانتخابية فقط.

ثالثاً: على الجماعات النسوية التركيز في برامجها المستقبلية على الضغط نحو زيادة نسبة التمثيل النسوي الى أكثر من 26% والدفع نحو ضمان هذه النسبة في النتيجة الانتخابية وليس في الترشح في القوائم الانتخابية فقط. 

رابعاً: ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أهمية ترتيب المرأة داخل كل قائمة، بحيث أنه في بعض الأحيان كان واضحاً أن ترتيب المرشحات في القوائم ما هو الا بهدف تنفيذ الالتزام الذي فرضه القرار بقانون، ولم يكن الهدف هو اشراك المرأة فعلاً، عدا عن أنه في بعض الأحيان كانت الزيادة عن الحد الأدنى لمشاركة المرأة في نهاية القائمة وليس في بدايتها، مما يقلل احتمالية حصولها على مقعد في المجلس التشريعي. 

خامساً: ضرورة تبني إجراء يضمن إشراك المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الانتخابات الرئاسية وليس التشريعية فقط.

سادساً: ضرورة تبني برامج حكومية لرفع مستوى الوعي في المجتمع الفلسطيني حول أهمية إشراك المرأة في جميع نواحي الحياة بما فيه المشاركة السياسية، وتغيير الصورة النمطية حول المرأة ودورها في المجتمع الفلسطيني والتي لا تتقبل وجود المرأة في المناصب المهمة والمراكز المعنية بصنع القرار.

سابعاً: ضرورة تبني برامج لرفع الوعي بين النساء حول أهمية المشاركة السياسية، بالإضافة إلى بناء القدرات النسائية لتمكينهن من خلال برامج تدريبية حول المواضيع المتعلقة بالحياة السياسية.

ثامناً: ضرورة تخفيض سن الترشح للمنصب الرئاسي والتشريعي، وضرورة وجود حراك شبابي نشط للضغط نحو التغيير في شتى المجالات، والدفع نحو إشراك الشباب في كافة نواحي الحياة الفلسطينية بما فيها مجال المشاركة السياسية.


[1] عقاب جبالي، المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات، 2009. صفحة 10.

< https://staff-beta.najah.edu/media/sites/default/files/PALESTINIAN_WOMEN’S_POLITICAL_PARTICIPATION.pdf>

[2]  لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، الانتخابات الفلسطينية 2021.

   < https://www.elections.ps/tabid/1128/language/ar-PS/Default.aspx>

[3]  المرجع السابق.

[4] المقتفي، القانون الأساسي المعدل للعام 2003. < http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=14138>

[5] لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، أحداث انتخابية سابقة.

< https://www.elections.ps/tabid/603/language/ar-PS/Default.aspx>

[6] لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، نتائج الانتخابات العامة الأولى عام 1996.

< https://www.elections.ps/tabid/642/language/ar-PS/Default.aspx>

[7] عقاب جبالي، المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات، 2009، صفحة 3.

[8] المرجع السابقة، صفحة 3.

[9] سمية السوسي، الكوتا النسائية، 2006.

 <http://www.oppc.pna.net/mag/mag15-16/p10-15-16.htm>

[10] عقاب جبالي، المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات، 2009، صفحة 4.

[11] المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، ورقة حقائق: مشاركة المرأة في المجالس المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، 2020.

[12] المرجع السابق.

[13] لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، أحداث انتخابية سابقة.

[14] ريليف ويب، الانتخابات الرئاسية الفلسطينية 2005: تقرير تقييم الاقتراع وفرز الأصوات، 2005.

<Https://reliefweb.int/report/occupied-palestinian-territory/palestinian-presidential-election-2005-evaluation-report>

[15] د. خالد شعبان، الانتخابات الرئاسية الفلسطينية 2005، 2006.

> <http://www.oppc.pna.net/mag/mag17/p1-17.htm

[16] البوابة، سبعة مرشحين للرئاسة الفلسطينية وعباس في المقدمة، 2004.

[18]  لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، قانون الانتخابات العامة.

 < https://www.elections.ps/tabid/820/language/ar-PS/Default.aspx>

[19]  لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، النظام الانتخابي للانتخابات العامة.

 < https://www.elections.ps/tabid/670/language/ar-PS/Default.aspx>

[20]  د. طالب عوض، المرأة الفلسطينية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية, 2019.

[21] لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، النظام الانتخابي للانتخابات العامة.
 
< https://www.elections.ps/tabid/670/language/ar-PS/Default.aspx>

[22] عماد أبو الروس، قراءة في تعديلات عباس القضائية والقانونية قبل الانتخابات, 2021.

[23]  الجهاز المركزي للإحصاء، السيدة عوض تستعرض أوضاع المرأة الفلسطينية عشير يوم المرأة العالمي، 2019.

http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3405>

[24] أستاذ طالب عوض، مقابلة عقدت لغايات هذا البحث بتاريخ 30-4-2021.

[25]  الجزيرة، نص بيان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، 2015.

[26] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الإحصاء الفلسطيني يستعرض أوضاع الشباب في المتجمع الفلسطيني بمناسبة اليوم العالمي للشباب، 2020.

< http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3786>

[27] أشرف عودة، الشباب والانتخابات الفلسطينية: تمثيل أضعفه القانون، 2021.

< https://al-ain.com/article/youth-palestinian-elections>

 [28] الأستاذة ريما نزال، مقابلة عقدت لغايات هذا البحث بتاريخ 1-4-2021.

[29]  الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان.

< https://al-ain.com/article/youth-palestinian-elections>

[30] التقرير الاولي لدولة فلسطين الخاص باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2019.

[31] تنص المادة 2 من العهد الدول للحقوق الاقتصادية والسياسية على أنه: “1. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب…”

[32] اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، الملاحظات الختامية بشأن التقرير الأولي لدولة فلسطين، 2018.

< https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/15/TreatyBodyExternal/Countries.aspx?CountryCode=PSE&Lang=EN>

[33] ملاحظة: لم يتم تحليل الانتخابات الرئاسية في هذه الورقة نظراً لأن موعد الانتخابات الرئاسية كان لم يحن بعد عند كتابة هذه الورقة.

[34] لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين، إحصاءات سجل الناخبين النهائي 2021.

< https://www.elections.ps/tabid/1147/language/ar-PS/Default.aspx>

[35] الحدث الفلسطيني، النساء يشكلن نحو نصف المسجلين للانتخابات 2021.

[36] الشاهد، أسماء كل مرشحي قوائم الانتخابات التشريعية 2021، 2021.

[37] أستاذ ماجد العاروري، مقابلة عقدت لغايات هذا البحث بتاريخ 2-4-2021.

الاخبار العاجلة
مركز الأرض للأبحاث والدراسات والسياسات يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق